السبت، 10 يناير 2015

النهي عن اتخاذ القبور أعيادا وأوثانا ليس فيه حط من قدر أصحابها، بل هو من باب إكرامهم

اعلم أن أهل القبور من الأنبياء والصالحين، المدفونين، يكرهون ما يفعل عندهم كل الكراهة، كما أن المسيح عليه السلام يكره ما يفعل النصارى به، وكما كان أنبياء بني إسرائيل يكرهون ما يفعله الأتباع، فلا يحسب المرء المسلم أن النهي عن اتخاذ القبور أعيادا وأوثانا فيه غض من أصحابها، بل هو من باب إكرامهم، وذلك أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن، فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن سنة ذلك المقبور وطريقته، مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه.

ومن كرامة الأنبياء والصالحين، أن يتبع ما دعوا إليه من العمل الصالح، ليكثر أجرهم بكثرة أجور من اتبعهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيء» .

وإنما اشتغلت قلوب طوائف من الناس، بأنواع من العبادات المبتدعة: إما من الأدعية، وإما من الأشعار وإما من السماعات، ونحو ذلك لإعراضهم عن المشروع، أو بعضه - أعني لإعراض قلوبهم - وإن قاموا بصورة المشروع، وإلا فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه، عاقلا لما اشتملت عليه من الكلم الطيب، والعمل الصالح مهتما بها كل الاهتمام - أغنته عن كل ما يتوهم فيه خير من جنسها.

(اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام)