القلب السليم: هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه ما، بل قد خلصت عبوديته لله تعالى: إرادة، ومحبة، وتوكلاً، وإنابة، وإخباتاً، وخشية، ورجاء، وخلص عمله لله، فإن أحب أَحَبَّ في الله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، ولا يكفيه هذا حتى يسلم من الانقياد والتحكيم لكل من عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعقد قلبه معه عقداً محكماً على الائتمام والاقتداء به وحده، دون كل أحد فى الأقوال والأعمال من أقوال القلب؛ وهي العقائد، وأقوال اللسان؛ وهي الخبر عما في القلب، وأعمال القلب؛ وهي الإرادة والمحبة والكراهة وتوابعها، وأعمال الجوارح، فيكون الحاكم عليه فى ذلك كله -دقه وجله- هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل، كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقدِّمُوا بَيْنَ يَدَىِ اللهِ وَرَسُولهِ} [الحجرات: 1] .
أى لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يأمر.
[إغاثة اللهفان لابن القيم رحمه الله]