حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: " إني إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة فأُجاب! " أو كلاما هذا معناه.
وهذا معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين، أفضل من أبي حنيفة، وأمثاله من العلماء. فما باله لم يتوخَّ الدعاء إلا عنده ؟ ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه، مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد وطبقتهم، لم يكونوا يتحرون الدعاء، لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره.
ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه.
(شيخ الإسلام ابن تيمية-اقتضاء الصراط المستقيم)