قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(1/11): أول
من صنف فِي الصَّحِيح: البُخَارِيّ أَبُو
عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل وتلاه
أَبُو الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج
الْقشيرِي، وَمُسلم مَعَ أَنه أَخذ عَن
البُخَارِيّ واستفاد مِنْهُ فَإِنَّهُ
يُشَارك البُخَارِيّ فِي كثير من شُيُوخه
وكتاباهما أصح الْكتب بعد كتاب الله
الْعَزِيز وَأما مَا روينَاهُ عَن
الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ
مَا أعلم فِي الأَرْض كتابا فِي الْعلم
أَكثر صَوَابا من كتاب مَالك قَالَ
وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِغَيْر هَذَا
اللَّفْظ يَعْنِي بِلَفْظ أصح من
الْمُوَطَّأ فَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك قبل
وجود كتابي البُخَارِيّ وَمُسلم ثمَّ
أَن كتاب البُخَارِيّ أصح الْكِتَابَيْنِ
صَحِيحا وأكثرهما فَوَائِد وَأما مَا
روينَاهُ عَن أبي علي الْحَافِظ
النَّيْسَابُورِي أستاذ الْحَاكِم أبي
عبد الله الْحَافِظ من أَنه قَالَ مَا
تَحت أَدِيم السَّمَاء كتاب أصح من كتاب
مُسلم بن الْحجَّاج فَهَذَا وَقَول من
فضل من شُيُوخ الْمغرب كتاب مُسلم على
كتاب البُخَارِيّ إِن كَانَ المُرَاد
بِهِ أَن كتاب مُسلم يتَرَجَّح بِأَنَّهُ
لم يمازجه غير الصَّحِيح فَإِنَّهُ لَيْسَ
فِيهِ بعد خطبَته الا الحَدِيث الصَّحِيح
مسرودا غير ممزوج بِمثل مَا فِي كتاب
البُخَارِيّ فِي تراجم أبوابه من
الْأَشْيَاء الَّتِي لم يسندها على
الْوَصْف الْمَشْرُوط فِي الصَّحِيح
فَهَذَا لَا بَأْس بِهِ وَلَيْسَ يلْزم
مِنْهُ أَن كتاب مُسلم أرجح فِيمَا يرجع
إِلَى نفس الصَّحِيح على كتاب البُخَارِيّ
وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ أَن كتاب مُسلم
أصح صَحِيحا فَهَذَا مَرْدُود على من
يَقُوله وَالله أعلم انْتهى كَلَامه