قال الشيخ العثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى(16/277): ...وأما
ما يذكر عن بعض العباد والزهاد أنه مر
بقوم يفرحون في أيام العيد فقال:
«هؤلاء
أخطئوا سواء تقبل منهم أم لم يتقبل، فإن
كان لم يتقبل منهم الشهر فليس هذا فعل
الخائفين، وإن كان قد تقبل منهم فليس هذا
فعل الشاكرين»
،
فهذا لا شك أنه بخلاف هدي النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ هدي النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه
فتح لأمته في أيام الفرح من الانطلاق،
والانشراح الذي لا يخل بالدين ولا بالشرع،
كما أنه أباح للإنسان عند الحزن أن يحد
ثلاثة أيام، يعني يترك الزينة والطيب وما
أشبه ذلك، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لا
يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن
تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج
أربعة أشهر وعشراً»
.
وهذا
من باب معاملة النفوس بما تقتضيه الأحوال،
ومعلوم أن أيام العيد تقتضي الفرح والسرور
فليجعل للنفس حظًّا من الانطلاق والفرح
والسرور في هذه الأيام، لكن بشرط أن لا
يفضي إلى
شيء محرم، فلو جاء إنسان وقال:
أنا
أرغب الموسيقى وأغاني فلانة وفلان في
أيام العيد.
نقول
له: هذا
حرام؛ لأن الفرح إذا وصل إلى حد ممنوع
شرعاً يجب أن يوقف؛ لأنه يكون انطلاقاً
مشيناً، حرية على حساب رق؛ لأن الحرية
المخالفة للشرع هي في الحقيقة رق.
والذي
استرق الشيطان.
ولهذا
قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
هربوا
من الرق الذي خُلقوا له وبُلوا برق النفس
والشيطان
فالرق
الذي خلقنا له الرق لله عز وجل، فنحن عبيد
الله كما قال سبحانه:
{وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ
لِيَعْبُدُونِ}
.
(وبلوا
برق النفس والشيطان)
استعبدتهم
نفوسهم وشياطينهم، حتى تركوا الهدى،
واتبعوا الشيطان، فمثلاً إذا وصل حد الفرح
إلى حد ممنوع شرعاً، وجب إيقافه، أما
الحدود الشرعية فإنه لا ينبغي لنا أن نضيق
على عباد الله عز وجل ما وسعه الله لهم،
فنحن جميعاً نتعبد لله بشرع الله، ولسنا
الذين نحكم على عباد الله، وإنما الذي
يحكم على العباد هو الله عز وجل {وَمَا
اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ فَحُكْمُهُ
إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّى
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
.
فالله
هو الحاكم بين عباده، فليس للإنسان أن
يحرم ما أحل الله، ولا أن يحلل ما حرم
الله.