قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري(1/486): أَخْبرنِي أَبُو الْعَبَّاس
الْبَغْدَادِيّ عَن الْحَافِظ أبي
الْحجَّاج الْمزي أَن أَبَا الْفَتْح
الشَّيْبَانِيّ أخبرهُ أخبرنَا أَبُو
الْيَمَان الْكِنْدِيّ أخبرنَا أَبُو
مَنْصُور الْقَزاز أخبرنَا الْخَطِيب
أَبُو بكر بن ثَابت الْحَافِظ حَدثنِي
مُحَمَّد بن الْحسن الساحلي حَدثنَا
أَحْمد بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ سَمِعت
أَبَا أَحْمد بن عدي الْحَافِظ يَقُول
سَمِعت عدَّة من مَشَايِخ بَغْدَاد
يَقُولُونَ إِن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل
البُخَارِيّ قدم بَغْدَاد فَسمع بِهِ
أَصْحَاب الحَدِيث فَاجْتمعُوا وَأَرَادُوا
امتحان حفظه فعمدوا إِلَى مائَة حَدِيث
فقلبوا متونها وأسانيدها وَجعلُوا متن
هَذَا الْإِسْنَاد لإسناد آخر وَإسْنَاد
هَذَا الْمَتْن لمتن آخر ودفعوها إِلَى
عشرَة أنفس لكل رجل عشرَة أَحَادِيث
وَأمرُوهُمْ إِذا حَضَرُوا الْمجْلس أَن
يلْقوا ذَلِك على البُخَارِيّ وَأخذُوا
عَلَيْهِ الْموعد للمجلس فَحَضَرُوا
وَحضر جمَاعَة من الغرباء من أهل خُرَاسَان
وَغَيرهم وَمن البغداديين فَلَمَّا
اطْمَأَن الْمجْلس بأَهْله انتدب رجل من
الْعشْرَة فَسَأَلَهُ عَن حَدِيث من
تِلْكَ الْأَحَادِيث فَقَالَ البُخَارِيّ
لَا أعرفهُ فَمَا زَالَ يلقى عَلَيْهِ
وَاحِدًا بعد وَاحِد حَتَّى فرغ البُخَارِيّ
يَقُول لَا أعرفهُ وَكَانَ الْعلمَاء
مِمَّن حضر الْمجْلس يلْتَفت بَعضهم
إِلَى بعض وَيَقُولُونَ فهم الرجل وَمن
كَانَ لم يدر الْقِصَّة يقْضِي على
البُخَارِيّ بِالْعَجزِ وَالتَّقْصِير
وَقلة الْحِفْظ ثمَّ انتدب رجل من الْعشْرَة
أَيْضا فَسَأَلَهُ عَن حَدِيث من تِلْكَ
الْأَحَادِيث المقلوبة فَقَالَ لَا
أعرفهُ فَسَأَلَهُ عَن آخر فَقَالَ لَا
أعرفهُ فَلم يزل يلقِي عَلَيْهِ وَاحِدًا
وَاحِدًا حَتَّى فرغ من عشرته وَالْبُخَارِيّ
يَقُول لَا أعرفهُ ثمَّ انتدب الثَّالِث
وَالرَّابِع إِلَى تَمام الْعشْرَة
حَتَّى فرغوا كلهم من إِلْقَاء تِلْكَ
الْأَحَادِيث المقلوبة وَالْبُخَارِيّ
لَا يزيدهم على لَا أعرفهُ فَلَمَّا علم
أَنهم قد فرغوا إلتفت إِلَى الأول فَقَالَ
أما حَدِيثك الأول فَقلت كَذَا وَصَوَابه
كَذَا وحديثك الثَّانِي كَذَا وَصَوَابه
كَذَا وَالثَّالِث وَالرَّابِع على
الْوَلَاء حَتَّى أَتَى على تَمام
الْعشْرَة فَرد كل متن إِلَى إِسْنَاده
وكل إِسْنَاد إِلَى مَتنه وَفعل بالآخرين
مثل ذَلِك فَأقر النَّاس لَهُ بِالْحِفْظِ
وأذعنوا لَهُ بِالْفَضْلِ قلت هُنَا يخضع
للْبُخَارِيّ فَمَا الْعجب من رده الْخَطَأ
إِلَى الصَّوَاب فَإِنَّهُ كَانَ حَافِظًا
بل الْعجب من حفظه للخطأ على تَرْتِيب
مَا ألقوه عَلَيْهِ من مرّة وَاحِدَة.