(نجاسة الكافر نجاسة معنوية وليست حسية)
.
.
تفصيل جميل من الإمام الشوكاني رحمه الله منقول من نيل الأوطار -بتصرف-
.
(عن حذيفة بن اليمان «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل ثم جاء، فقال: كنت جنبا، فقال: إن المسلم لا ينجس» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي. وروى الجماعة كلهم نحوه من حديث أبي هريرة)
~~~
قوله: (إن المسلم) تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر ومالك فقالوا: إن الكافر نجس عين وقووا ذلك بقوله تعالى: {إنما المشركون نجس} [التوبة: 28]
وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة،
وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة،
وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة،
وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة،
ومن جملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر حديث إنزاله - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيف المسجد، وتقريره لقول الصحابة: قوم أنجاس لما رأوه أنزلهم المسجد.
وقوله لأبي ثعلبة لما قال له: «يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال: إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها» وسيأتي في باب آنية الكفار،
وأجاب الجمهور عن حديث إنزال وفد ثقيف بأنه حجة عليهم لا لهم؛ لأن قوله ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء إنما أنجاس القوم على أنفسهم بعد قول الصحابة: قوم أنجاس صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل النزاع، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار.
وعن حديث أبي ثعلبة بأن الأمر بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها. يدل على ذلك ما عند أحمد وأبي داود من حديث أبي ثعلبة أيضا بلفظ: إن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ وسيأتي.
ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازا فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد. وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر. وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر، وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي،.
وسيأتي في باب آنية الكفار،
وما سلف من مباشرة الكتابيات، والإجماع على جواز مباشرة المسبية قبل إسلامها، وتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم بآية المائدة وهي آخر ما نزل، وإطعامه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل للآنية، ولا أمر به، ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع. قال ابن عبد السلام ليس من التقشف أن يقول أشتري من سمن المسلم لا من سمن الكافر؛ لأن الصحابة لم يلتفتوا إلى ذلك...