قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/289-290): الجهاد يكون بالغزو
والهجوم على الكفّار في ديارِهم بعد
دعوتهم إلى الإسلام وليس المقصود منه كما
يقول بعض الكُتّاب العصريّين:
إن
المقصود به الدفاع، إنّما المقصود من
الجهاد هو:
إزالة
الكفر والشرك من الأرض، كما قال سبحانه
وتعالى:
{وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ
الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ
انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ (39)
وَإِنْ
تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ
مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ
النَّصِيرُ (40)
} . فالمقصود
من الغزو والجهاد في الأصل:
هو
طلب الكفّار في بلادهم، ونشر الإسلام،
وإزالة الكفر.
أمّا
قصة الدفاع فمعناه:
أنّنا
نبقى في ديارِنا، فإن جاءونا دافعناهم،
وإن ما جاءونا تركناهم.
وهذا
باطل، ولم يأتِ الإسلام بهذا، إنما كان
هو موجوداً في أوّل الإسلام
لَمّا كان المسلون قِلّة، ولم يكن للمسلمين
دولة فعندما كانوا في مكّة، كانوا منهيِّين
عن القتال لأنّ المفسدة فيه أعظم من
المصلحة، لكن لّمّا قويَ المسلمون ووجدت
دولة المسلمين في المدينة أمر الله
المسلمين بالجهاد والغزو وقتال الكفّار
وغزوهم في ديارهم وفي بلادهم لنشر الإسلام،
ونفّذ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما تُوفّي رسولُ
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إلاّ والإسلام منتشر في معظم جزيرة العرب،
وجاء النّاس ودخلوا في دين الله أفواجاً
قبل وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وكاتب الملوك-
ملوك
الأرض-
يدعوهم
إلى الإسلام، وكان ذلك مقدَّمة لجهادهم.
وجاء
مِن بعده الخلفاء الرّاشدون فواصلوا
الجهاد الذي بدأه رسولُ الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى انتشر
الإسلام في مشارق الأرض وفي مغاربها،
ودخلت دولة الفُرس ودولة الروم تحت حكم
الإسلام، منهم من أسلم ومنهم من خضع لبذل
الجزية، وصارت الغلبة والظهور لدين
الإسلام كما قال تعالى:
{هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ (33)
} ،
فتحقّق وعدُ الله سبحانه وتعالى وظهر
دينُ الإسلام على الدين كلّه، وبلغ مشارق
الأرض ومغاربها، بجهاد المجاهدين في سبيل
الله.