قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/281-282): قال
إبراهيم:
"كانوا
يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار".
إبراهيم"
المراد
به:
إبراهيم
النخعي، التّابعي الجليل، من تلاميذ عبد
الله بن مسعود-
رضي
الله تعالى عنه-.
"كانوا
يضربوننا"
يعني:
السلف الذين أدركهم، قيل:
إنّه
يريد:
أصحاب
ابن مسعود خاصّة، وقيل:
إنّه
يُريد أصحاب ابن مسعود وغيرَهم من السلف،
كانوا يضربون
الأطفال إذا سمعوهم يشهدون أو يحلفون،
تأديباً لهم ليربُّوهم على تعظيم الشهادة
وتعظيم اليمين، حتى ينشأوا على ذلك، لأن
الطفل ينشأ على ما عُوِّد عليه، فإذا
عُوِّد الالتزام والطّاعة فإنّه ينشأُ
على ذلك ويشبُّ عليه "ومن
شَبَّ على شيءٍ شاب علي"،
كما قال الشاعر:
وينشأ
ناشئ الفتيان منا ...
على
ما كان عوّده أبوه
فالتربية
لها شأن كبير ولها أثر بليغ، لاسيّما في
صغير السنّ، فإنّك إذا نهيتَه عن شيء أو
أمرتَه بشيء ينغرسُ هذا في ذاكرَتِه ولا
ينساه أبداً، وإذا صحِب هذا تأديبٌ فإنّه
يكون أبلغ.
فهذا
فيه:
العناية
بالنّاشئة وتربيتهم وتأديبِهم.
وفيه-
أيضاً-:
أنّ
الضرب وسيلةٌ من وسائل التربية، وأنّ
السلف كانوا يستعملونَه، بل إنّ الرّسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر
بالضّرب فقال:
"مُروا
أولادكم بالصلاة لسبع، واضرِبوهم عليها
لعشر"،
بل الله جل وعلا أمر بالضرب أيضاً للتأديب
في حقّ الزوجات:
{وَاللَّاتِي
تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
وَاضْرِبُوهُنَّ}
،
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لا
يُضرب فوق عشرة أسواط إلاّ في حدّ من حدود
الله"،
فالضّرب وسيلة من وسائل التربية، فللمعلِّم
أن يضرب، وللمؤدِّب أن يضرب، ولولّي الأمر
أن يضرب تأديباً وتعزيراً، وللزوج أن
يضرب زوجته على النشوز.
فالذين
يُنكرون الضّرب، ويمنعون منه، ويقولون:
إنّه
وسيلة فاشلة.
هؤلاء
متأثِّرون بالغرب وبتربية الغرْب، وهم
ينقلون إلينا ما تحمّلوه عن هؤلاء، لأنهم
تعلّموا على أيديهم.
أمّا
ما جاء عن الله وعن رسوله وعن سلفنا الصالح
فهو أنّ الضرب وسيلة ناجحة، لكن يكون
بحدود، لا يكون ضرباً مبرحاً يشقّ الجلْد
أو يكسرُ العظم، وإنّما يكون بقدر الحاجة.