الجهمية
والمعتزلة ومَن وافقهم من الشيعة يقولون:
كان
الرب لا يتكلم ولا يفعل، هناك فترة ليس
هناك كلام ولا فعل، بل إن الكلام والفعل
ممتنع عن الرب، ثم انقلب فجأة فسار الكلام
والفعل ممكنا، انقلب من الامتناع إلى
الإمكان، الإمكان معناه القدرة، القدرة
على الشيء، والامتناع معناه عدم إمكان
وجود الكلام والفعل.
قالوا:
إن
الرب لا يقدر على الكلام، ولا على الفعل
أولا، ثم انقلب فجأة فصار ممكنا، هذا من
أبطل الباطل، ووافقهم ابن كُلَّاب، عبد
الله بن سعيد بن كُلَّاب في أن صفات الأفعال
كذلك كانت ممتنعة ثم صارت ممكنة إلا
الكلام.
والكلام
عنده متعلق بصفة الرب، لا يتعلق بقدرة
ومشيئة، متعلق بذات الرب لا يتعلق بقدرة
ومشيئة، وهذا كلام باطل.
هذا
مذهب هؤلاء أهل الكلام وأهل البدع وأهل
الباطل، وأهل السنة والجماعة يقولون:
إن
الرب -سبحانه
وتعالى-
لم
يزل متكلما، ولم يزل فاعلا إلى ما لا
نهاية؛ لأن الرب فعَّال قال -سبحانه
وتعالى-
{كَذَلِكَ
اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)
} .
{وَلَكِنَّ
اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)
} وقال
سبحانه:
{فَعَّالٌ
لِمَا يُرِيدُ (107)
} وقال
سبحانه:
{قُلْ
لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ
رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ
تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا
بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
} وقال
سبحانه:
{وَلَوْ
أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ
أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ
بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ
كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ (27)
} .
فهذه
النصوص تدل على أن الرب فعَّال، وكل حي
فعَّال، والفعل صفة كمال، فلا يمكن أن
يكون فاقدا لهذا الكمال في وقت من الأوقات.
العلامة الراجحي/شرح الطحاوية/ص31