๑۩ ∏ فئات الناس في شهر رمضان ∏ ۩๑
﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏
شهر رمضان ينبغي على المسلم أن يُحسِن استقباله، فهو ضيفٌ ينبغي أن يُستقبَل استقبالًا يليق به، وهنا يتفاوت النَّاس تفاوتًا عظيمًا في كيفية استقبال هـٰذا الشَّهر.
° ففئةٌ من النَّاس يستقبلون هـٰذا الشَّهر بالإقبال على الأسواق إقبالًا شديدًا ليشتروا أصناف الأطعمة وأنواع المأكولات وأطايب المطاعم ؛ فيتسابقون على الأسواق ويشترون أطعمة ومأكولات بكميَّاتٍ هائلة وكأنهم يستقبلون شهر أكلٍ وشربٍ وتناولٍ للطَّعام، فيشترون شراءً متزايدًا ، حتى إنّ التسوُّق وشراء الأطعمة يزيد في رمضان من النّاس ومن كثير من الأُسَر عن حاجاتهم وعن الأمور التي تكفيهم، ولهذا بعضهم ولا سيما أهل الإسراف تجده يُبذِّر تبذيرًا مَشينًا ويضع على مائدته وسُفرته أنواعًا كثيرة من الأطعمة كثيرٌ منها يُلْقيها وإنما يأكل منها شيئًا قليلًا ؛ فهذا قسمٌ من النَّاس.
° وقسمٌ آخر إذا أقبل شهر رمضان هيَّؤوا لأنفسهم أدوات اللَّعب واللَّهو والضَّياع ، وهيَّؤوا لأنفسهم أمورًا يشغلون أوقاتهم - الأوقات الثمينة في شهر رمضان - بضياعٍ وتشرُّدٍ وتبذيرٍ للأوقات وإسرافٍ فيها وإضاعةٍ لها فيما لا فائدة فيه؛ بل في كثير من الأحيان فيما فيه مضرَّة محققة ، ويهيئون لرمضان مثل هـٰذه الأمور ويستعدون استعدادًا تامًا قبل مجيءرمضان بمثل هذه الأمور .
° وهناك آخرون منَّ الله عزّ وجلّ عليهم بتوفيقه وكلأَهم برعايته وأحاطهم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعنايته ؛ فأخذوا يهيِّئون أنفسهم لرمضان فهو تكثُر أمامه الخواطر ، ويدور في خَلَدِهِ صنوفًا كثيرة من الخيرات ؛ فيبدأ يرتِّب للقرآن وقته، ولذكر الله وقته ، ولقيام اللَّيل وقته ، ولمساعدة المحتاجين وقته ، وللبذل وقته، ولمجالس العلم وقتها فتتزاحم عليه الطاعات حتى إن بعض النَّاس لَيرى أنّ الشهر يضيق عليه، عنده مشاريع كثيرة وأعمال عديدة ومجالات واسعة للقيام بطاعة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لكنّ الشَّهر يضيق عليه لا يتَّسع لما عنده من أبواب الخير.
° وهناك أناس يتعاملون مع شهر رمضان تعاملهم مع كلِّ شهر ؛ فيمضي عليهم شهر رمضان كما تمضي عليهم بقيَّة الشُّهور ، حتى إنَّ اللّيلة التي جاء في القرآن أنها خيرٌ من ألف شهر تمضي على كثير من النَّاس مُضِيَّ سائر اللَّيالي ؛ وهـٰذه خسارة فادحة وهُبْلٌ بيِّن وإهدارٌ لما لا يليق بالمسلم أن يُهدِره وأن يُضيِّعه.
::المصدر::
(وجاء شهر رمضان -بتصرف-)
للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر