قال العلامة الفوزان في تعليقاته على الطحاوية (ص69-71): الجهمية
والمعتزلة يقولون:
إن
القرآن مخلوق؛ لأن الله عندهم لا يتكلم،
على منهجهم في نفي الصفات كلها، فراراً
-بزعمهم-
من
التشبيه؛ لأنهم لم يفرقوا بين صفات الخالق
وصفات المخلوق ففروا من التشبيه الموهوم
ووقعوا في التعطيل المذموم وهو شر منه،
كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ولو
أنهم أثبتوا ما أثبته الله لنفسه، وعرفوا
أن هناك فرقاً بين صفات الخالق وصفات
المخلوق، لأصابوا عين الحق واستراحوا وأراحوا
الناس، ولكنهم في ضلال.
فمن
سمع كلام الله وزعم أنه كلام البشر فقد
كفر؛ لأنه جحد كلام الله عز وجل
وقد ذم الله عز وجل من قال هذه المقالة،
فجعل القرآن كلام البشر، كما قال الوليد
بن المغيرة المخزومي، وهو من أكابر كفار
مكة ومن عظمائهم وكانوا يسمونه:
زهرة
مكة؛ لشرفه فيهم، فلما سمع القرآن من
الرسول صلى الله عليه وسلم أعجبه وعلم
أنه ليس من كلام البشر، ومدح القرآن فقال:
ليس
بالشعر وليس بالسحر، أنا أعرف ضروب الشعر،
وأعرف أنواع السحر، وأعرف الكهانة، وأعرف
وأعرف….
فليس
القرآن من هذه الأمور.
فعند
ذلك توجه إليه قومه الكفار بالتوبيخ
والتعنيف؛ لأن معنى هذا أنه اعترف للرسول
عليه الصلاة والسلام بالرسالة، فلما رأى
ذلك انحرف -والعياذ
بالله-
بالكلام
فقال:
(إن
هذا إلا قول البشر)
[المدثر:
25] فأنزل
الله عز وجل:
(إنه
فكر وقدر*فقتل
كيف قدر*ثم
قتل كيف قدر*ثم
نظر*ثم
عبس وبسر*
ثم
أدبر واستكبر*فقال
إن هذا إلا سحر يؤثر*إن
هذا إلا قول البشر)
[المدثر:
18،
25]
قال
عز وجل:
(سأصليه
سقر)
[المدثر:
26] ،
وهي النار.
فمن
قال:
إن
القرآن ليس كلام الله وإنه كلام البشر،
أو الملك، فهو مثل الوليد بن المغيرة،
فما الفرق بين هذا وهذا إلا أنه ادعى
الإسلام والوليد لم يدع الإسلام؟ فدعوى
الإسلام لا تكفي، فإنه إن كفر بالقرآن لم
ينفعه ادعاء الإسلام؛ لأن هذا ردة -والعياذ
بالله-.
فتبين
بهذا أنه لابد من الاعتراف بأن القرآن
كلام الله حقيقة.
لو
كان الكلام من كلام الرسول صلى الله عليه
وسلم فلا لوم على الوليد بن المغيرة إن
قال إن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه
وسلم، فكيف يتوعده الله بهذا الوعيد
الشديد؟ فدل على أنه قال مقالة عظيمة
وفظيعة حيث
نسب القرآن لغير الله، وكل من سار على هذا
المذهب وهذا المنهج فإنه مثل الوليد بن
المغيرة، يكون في النار خالداً فيها.