(من آداب طالب العلم: الثبات والتثبُّت)
أهم ما يكون من الآداب هو التثبت , التثبت فيما ينقل من أخبار , والتثبت فيما يصدر منك من الأحكام , والأخبار إذا نقلت لا بد أن تثبت أولاً , ثم إذا صحت فلا تحكم وتثبت الحكم لأنه ربما يكون الخبر الذي سمعته مبني على أصل تجهله , فتحكم بأنه خطأ , والواقع غير ذلك .
فكيف العلاج في هذه الحال ؟
العلاج هو الاتصال بمن نسب إليه الخبر . وتقول له نقل عنك كذا وكذا , ثم تناقشه . فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه لأول وهلة سمعته فيها لأنك لا تدري ما سبب هذا الموضوع , ويقال: إذا عرف السبب بطل العجب .
فلا بد أولا من التثبت .
الثبات معناه الصبر والمصابرة وألا يمل ويضجر وأن لا يأخذ من كل كتاب نتفة ومن كل فن قطعة ,لأن هذا هو الذي يضر الطالب , يقطع عليه الأيام من غير فائدة , فلا يثبت على شيء , تجده مرة في الآجرومية , ومرة في متن القطر , ومرة في الألفية , ومرة في ألفية العراقي , ويتخبط في الفقه .....وهكذا ...
هذا في الغالب أنه لا يحصل العلم , ولو حصل علما فإنما يحصل مسائل لا أصول لها ,
وتحصيل المسائل كالذي يلتقط الجراد واحدة تلو الأخرى , لكن التأصيل والرسوخ والثبات هذا هو المهم .
اثبت بالنسبة للكتب التي تقرأ أو تراجع , واثبت أيضا بالنسبة للشيوخ الذين تتلقى عنهم , لا تكن ذواقا كل أسبوع عند شيخ , قرر أولاً من الذي ستتلقى عنده العلم , ولا بأس أن تجعل لك شيخا في الفقه وتستمر معه في الفقه , وشيخا آخر في العقيدة وتستمر معه في العقيدة ... وهكذا .. المهم أن تستمر لا أن تتذوق وتكون كالرجل المطلاق كلما تزوج امرأة أيام تركها وذهب الى أخرى هذا يبقى طول عمره لم يتمتع بزوجة ولم يحصل على أولاد في الغالب .
والتثبت من أهم الأمور , التثبت فيما ينقل عن الغير , لأن أحياناً ينقلون ما يشوه سمعة المنقول عنه , قصداً وعمدا , وتارة لا يكون لهم مراد سيء , لكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به , ولهذا يجب التثبت , فإذا ثبت بالسند ما نقل فحينئذ يأتي دور المناقشة مع الذي نُقل عنه , قبل أن تحكم على هذا القول , بأنه خطأ أو غير خطأ , وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة ان الصواب مع هذا الذي نقل عنه الكلام وإلا من المعلوم أن الانسان لو حكم على شيء بمجرد السماع من أول وهلة لكان ينقل أشياء تنفر منها النفوس عن بعض العلماء الذين يعتبرون منارات للعلم . لكن عندما يتثبت ويتأمل ويتصل بهذا الشيخ مثلاً يتبين له الأمر.
[(شرح حلية طالب العلم للعلامة العثيمين رحمه الله)]