الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

يجب على عامة المسلمين علمائهم وغير علمائهم أن يحييوا هذا الاتجاه الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وهو أن لا تتعصب طائفة منهم لإمام فتتعصب طائفة أخرى لإمام آخر

مسألة مهمة جداً

قال الإمام الألباني رحمه الله كما في سلسلة الهدى والنور-الشريط١٠١:

يجب على عامة المسلمين علمائهم وغير علمائهم أن يحييوا هذا الاتجاه الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وهو أن لا تتعصب طائفة منهم لإمام فتتعصب طائفة أخرى لإمام آخر ، وبذلك يقع المسلمون في محذور كبير ، وهو الاختلاف والافتراق ، وهذا لا يجوز في دين الله كما قال : (( فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) ومن يقرأ في التاريخ الإسلامي ، وما وقع بين متعصبة المذاهب من فتن تتجلى له ضرورة عودة المسلمين إلى اتباع الكتاب والسُنة، وأكرر العالم بعلمه ، وغير العالم بسؤال أهل العلم ، وليس بالتدين باتباعه مذهب معين ، نحن مثلاً إلى عهد قريب أظن أنتم ما أدركتم الذي أدركناه في مسجد بني أمية في دمشق ، يوجد المسجد الأموي ، يوجد فيه أربعة محاريب يصلي فيه في هذه المحاريب الأربعة أربعة من الأئمة : الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي ، فتجد ناساً يجلسون والصلاة قائمة لماذا ؟ هذا ليس إماماً لنا ، فإذا انتهت تلك الصلاة قام إمام ثاني وصلى ، والناس جالسون لا يصلون مع هذا الإمام ، هذا ليس إمامك وهكذا ، تفرقت جماعة المسلمين بسبب تعصبهم لإمام واحد ، كل منهم قنع بإمام !

هذه الظاهرة لم تكن في عهد السلف الصالح إطلاقاً ، كان يؤم المسلمين جميعاً إمام واحد ، مع أننا نعلم أن بعض الصحابة كانوا يختلفون في بعض المسائل وكذلك التابعون ، ومن بعدهم لكن مع ذلك كانوا يصلون جماعة واحدة وفي مسجد واحد ، ترى لماذا حصل هذا الفرق ، بين ما كان وبين ما نحن عليه اليوم ؟

هو أن المنهج العلمي الذي كانوا عليه ، نحن حدنا عنه ، وتمسكنا بمنهج منحرف عما كانوا عليه فانحرفنا عن الكتاب والسُنة ، واتبعنا كلاً منا إماماً قنع به ، كما ذكرنا حنفي وشافعي ونحو ذلك ، لا يعني هذا الكلام شيئاً يخطر في بعض بال الناس ، وقد ينقلونه ويتهمون به الأبرياء لا يعني هذا الكلام أننا نحن اليوم حينما ندعو لاتباع الكتاب والسُنة ، لا نقيم وزناً لهؤلاء الأئمة وأمثالهم ، حاشا لله عز وجل ، إنما نحن نقدرهم ونحترمهم تمام التقدير والاحترام ، ومن ذلك أننا أخذنا هذا المنهج الذي بيناه آنفاً من كلماتهم فهم الذين قالوا إذا صح الحديث فهو مذهبي إلى آخر ما هنالك من أقوال كنت جمعتها وأودعتها في مقدمة كتابي صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم ، كأنك تراها ، فنحن إذاً بهم نقتدي ولهم نتبع في هذا المنهج ، الذي أمر الله تبارك وتعالى به الناس جميعاً ، (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) فتعظيم الأئمة وتقديرهم شيء ، وتعظيم حكم الشرع الصادر عن الله وعن رسول الله هذا شيء آخر . الغاية في الإتباع من البشر هو رسول الله ، أما الأئمة كل الأئمة لا نستثني منهم أحداً سواء كان من الصحابة أو التابعين أو أتباعهم ، فهم أدلاء هم وسطاء بيننا وبين نبينا - صلى الله عليه وسلم - فمن تمسك بواحد منهم ، فقد ضيع علوم الآخرين ، ويجب أن نؤكد في هذا ونرسخه في أذهاننا ، إذا ما تذكرنا الحقيقة السابقة ، أن علم الرسول عليه السلام لم يودع في صدر واحدٍ من الصحابة ، وإنما في صدور جميع الصحابة ، وهذا العلم الذي انتقل من صدور الصحابة ، لم ينتقل إلى صدر واحدٍ من التابعين ، وإلا إلى مجموع علماء التابعين ، ثم هذا العلم أيضاً لم ينتقل من مجموع صدور التابعين إلى صدر إمام من أئمة أتباع التابعين ، فإذاً العلم موزع بين العلماء جميعاً ، فينبغي نحن إذا أردنا أن نتلقى العلم أن نتلقاه منهم جميعاً ، لا نستثني منهم أحداً ، لا نتعصب لأحدٍ على أحد .