سئل الإمام الألباني رحمه الله:
ما حكم تحية المسجد في وقت النهي؟
الجواب:
كثير من الناس بيستشكلوا إذا دخلوا المسجد في وقت الكراهة ، يصلوا التحية وإلا لا ؟ دخل قبيل غروب الشمس بدقائق ، هل يصلي التحية وإلا لا ؟ طبعا المسألة فيها خلاف لكن قصدنا الآن كيف التوفيق بين ( لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس )، فأنت دخلت المسجد لأمر ما بعد صلاة الفجر ، تصلي تحية وإلا لا ؟ قيل وقيل ، ما لنا في هذا ، فإن قلت لا أصلي تمسكا بهذا الحديث ، جاءك حديث آخر ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس ، لا يجلس حتى يصلي ركعتين ) إذاً شو بتسوي ، كبار العلماء اللي قرأنا لهم كلام في هذا الموضوع ، ما استطاعوا يحلوا المشكلة إلا ابن تيمية بصورة خاصة وإلا الحافظ العراقي بصورة عامة حيث ذكر القواعد ، كان من هذا القواعد ما ذكرته آنفا ، وهو الدليل العام إذا دخله التخصيص ضعف عمومه ، أما الدليل العام الذي ما دخله التخصيص فيبقى قوي عمومه ، القوي يتغلب على الضعيف فيصبح الأمر ( لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ) إلا في استثناء ، استثناءات كثيرة وكثيرة جدا ، فمثلا رجل دخل المسجد صلاة الصبح والإمام يصلي ما كان صلي السنة القبلية ، الله اكبر سلم الإمام ، هل يجوز له أن يقوم يصلي سنة الفجر اللي فاتته ، الجواب نعم ، ماذا فعلنا ( لا صلاة بعد الفجر ) قيدناها لأن الرسول رأى رجلا بعد ما سلم الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاة الفجر قام يصلي ، قال : ( آلصبح أربعا )، بعد ما صلى الرجل ، قال : ( يا رسول الله دخلت المسجد وأنت في الصلاة وما كنت صليت السنة فهذه هي السنة ") ، فسكت عليه السلام فأخذ العلماء استثناء هذه الحالة من ( لا صلاة بعد الفجر وكذلك بعد العصر ) أحاديث كثيرة منها حديث في موطأ الإمام مالك ، ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صلى في مسجد الخيف صلاة الفجر و لما سلم وجد رجلين ) - من بعيد يدل حالهما على أنهما ما صلوا مع الجماعة - ( فناداهم قال لهما : أولستما مسلمين ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فما منعكم أن تصليا معنا ، قال : يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا ، قال : فإذا صلى أحدكم في رحله ثم أتى مسجد الجماعة فليصل معهم فإنها تكون له نافلة )، إذاً هذا تخصيص ثاني ، أي بعد الفجر ، الصلاة مكروهة بعد الفجر ، لذلك ، العلماء المحققون جاءوا بقاعدة تجمع الأحاديث الواردة في هذه القضية قالوا إن الصلاة المنهي عنها في الأوقات المكروهة هي النوافل المطلقة ، أما النوافل التي لها أسباب لا تكره ، جينا لتحية المسجد ، ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس ) عارض ( لا صلاة بعد الفجر وبعد العصر ) هذه المعارضة ما هي قوية ، لأن ( لا صلاة ) ضعف عمومه ، بمخصصات كثيرة وكثيرة جدا ، قلنا مثلا لا صلاة بعد الفجر إلا من فاتته سنة الفجر ، بعد الفجر وبعد العصر إلا من دخل مسجدا الجماعة وكان صلى الفريضة هو فليصل معهم تكون له نافلة ، إلا إلا ، إذاً يدخل استثناء أخير وهو لا صلاة بعد الفجر ولا صلاة بعد العصر إلا تحية المسجد ، لماذا لأن الأمر بالتحية ما دخله تقييد ولا دخله تخصيص ، بهذه القاعدة نستطيع أن نفهم بعض الأحاديث .
المصدر
سلسلة الهدى والنور_الشريط ٥٣