سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله:
نحن في قرية وجميع الأهل في القرية إذا أرادوا فعل شيء يقولون: الفاتحة للنبي. هل هذا الأمر له أصل في الشرع؟ وهل هذا خطأ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الفاتحة من أعظم سور القرآن، بل هي أم القرآن، ولها فضل عظيم، ولكن قراءتها في مثل هذه الحال بأن تقرأ في بعض الأحوال للنبي، أو لغيره، أو لروح فلان، أو لروح الميت، هذا من البدع، لأنه لم يرد به دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قراءة الفاتحة عبادة، والعبادة لا بد لها من دليل، فالذي يقول: تشرع قراءة الفاتحة للنبي أو لغيره من الأموات، يحتاج قوله إلى دليل، فإن جاء بدليل وإلا فهذا القول مردود عليه، لأنه بدعة، ولم يرد في قراءة الفاتحة لروح النبي ولا لغيره دليل شرعي، هذا من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، الفاتحة لا تقرأ للنبي ولا لغيره، هذا من ناحية.
الناحية الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم في غنى عن أن يهدى له ثواب من العبادات، إلا ما ورد به الدليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يصل إليه من الأجر مثل أجور من اتبعه، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه» ، فكل عبادة مشروعة إذا فعلها المسلم وناله أجر منها فإنه ينال الرسول صلى الله عليه وسلم مثل أجره من دون أن يهدي إليه ثوابًا، أو يقرأ له قراءة أو ما أشبه ذلك، فالرسول ليس بحاجة للإهداء، وإنما المشروع في حق النبي صلى الله عليه وسلم محبته أكثر من محبة النفس والأهل والمال، والناس بأجمعهم، والمشروع الصلاة والسلام عليه كما أمر الله جل وعلا بذلك، بأن نصلي ونسلم عليه، وذلك يصل إليه أينما كنا، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» .
وكذلك سؤال الله له الوسيلة والفضيلة بعد فراغ المؤذن، هذا قد أمر به وشرعه النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليه، فما ورد به الدليل من الصلاة والسلام عليه وسؤال الله له الوسيلة والفضيلة، هذا نعمله.
أما الفاتحة وقراءتها، أو قراءة شيء من القرآن، أو إهداء شيء من الثواب، لم يرد دليل به، فهذا من البدع، لما ذكرنا من أن الأمر توقيفي والعبادات توقيفية، وثانيًا: أن الرسول في غنى عن ذلك لأن ما تقبله الله من طاعتنا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يناله من الثواب مثل ثوابنا، لأن من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور أتباعه، والله أعلم.
المصدر
مجموع فتاوى الفوزان(٢/٦٨٨_٦٨٩)