قال
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه
لكتاب التوحيد(2/224-225)
وعند
شرحه على قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
"ومن
صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإنْ لم تجدوا
ما تكافئونَه فادعوا له حتى تُرَوا أنكم
قد كافأتموه":
"ومن
صنع إليكم معروفاً" يعني: مَن
أحسن إليك بإحسان مالي أو عملي أو قولي.
والمعروف: ضدّ
المنكر، والمراد به هنا: الخير،
يعني: من
أسدى إليك خيراً من مال أو جاه أو كلام
طيِّب أو غير ذلك، فكلّ هذا من المعروف،
فإنّه يجب عليك أن تكافئه، بمعنى: أن
تفعل له من المعروف مثل ما عمِل لك، وتقابل
إحسانه بالإحسان، وهذا من باب المكافأة
من ناحية، وأيضاً فيه قطعٌ للمنّة من
ناحية أُخرى، لأنك لو لم تكافئه بقيَ له
منّة عليك، ورِقٌّ منك له.
حتى
ولو كان صانعُ المعروف كافراً فإنّك
تكافئه على معروفه، لأنّ هذا من باب مكارم
الأخلاق ومن باب قطع المنّة ومن باب جزاء
الإحسان بالإحسان:
{هَلْ
جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا
الْأِحْسَانُ (60)
} ،
وقال تعالى:
{لا
يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ
يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ
يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ
تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)
} ،
هذا في الكافر الذي يحسن إلى المسلم
فالمسلم يكافئه، بل يتأكَّد في حقّ المسلم
مكافأة الكافر على صنيعهِ ليقطع منّتَهُ
عليه، ولا يكون منه رقٌّ للكافر، ولأنّ
هذا يدخل في باب الدعوة إلى الله عزّ وجلّ،
فإذا رأى الكفّار من المسلمين هذه الأخلاق
الطيِّبة والفاضلة كان ذلك مدعاة لدخولهم
في الإسلام.
"فإن
لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له" أي: ادعوا
له بالخير والتيسير والتوفيق.
"حتى
تُرَوْا" بضمّ
التّاء، يعني: تظنُّوا،
ويجوز الفتح، بمعنى: تعلَموا.
فدلّ
هذا: على
أنّ المحسِن يكافأُ على إحسانِه إمّا
بالقول وإمّا بالفعل.