الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

فليكن حبك وبغضك وولاءك ومعاداتك من أجل الله لا من أجل الدنيا


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوثق عُرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله"، وقال عليه الصلاة والسلام: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان" ذكر منها: "أن يحب المرء لا يحبه إلا لله" .

فتحب أولياء الله لأن الله يحبهم، وتبغض أعداء الله لأن الله يبغضهم، فيكون الحب والبغض من أجل الله، وليس طمعاً في الدنيا، فلا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يحب في الله ويبغض في الله، ويوالي ويعادي في الله.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: "صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئاً".
وهذه المحبة تبقى في الدنيا والآخرة، وأما محبة الدنيا فتنقطع، وتكون عداوة في الآخرة (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) [الزخرف: 67] .
وتبغض الشخص من أجل الله، وليس من أجل أنه أساء إليك؛ بل تبغضه؛ لأنه عدو لله، وهذه ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام: الحب والبغض في الله، (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) [الممتحنة: 4] .
ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه" فالحب في الله والبغض في الله أمره عظيم؛ لأنه فرقان بين الحق والباطل (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً) [الأنفال: 29] ، فالمؤمن يكون عنده فرقان، يفرق بين هذا وهذا.

والمحبة بابها باب عظيم ينبغي التنبه له ومعرفته؛ لأن عليه مداراً عظيماً في العقيدة وأمور الدين، فالإنسان لا يمشي إمعة، لا يدري من يحب ومن يبغض، بل يجعل المحبة والبغضاء ميزاناً يفرق بين أولياء الله وأولياء الشيطان، ولا يجعله ميزاناً دنيوياً وهوى، فمن وافقه على دنياه وهواه وأعطاه شيئاً من الدنيا أحبه، ولو كان من أكفر الناس وأفسقهم، وإن لم يعطه شيئاً أبغضه، ولو كان من أصلح الصالحين، فهذا لا يجوز.
هذه مسألة عظيمة، وهي مسألة العلم فالإنسان لا يقول ما لا يعلم، إن علم شيئاً قال به، وإن جهل شيئاً فلا يقول به، ولا يقول في أمور الدين والعبادات ولا يدخل فيها بغير علم، بل يتوقف، ويقول: الله أعلم.

تعليقات العلامة صالح الفوزان على الطحاوية -بتصرف- (1/179-182)