قال
ابن كثير -بتصرف-
في
تفسير القرآن العظيم(1/7-10):
إن
قال قائل:
ما
أحسن طرق التفسير؟
فالجواب:
إن
أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن،
فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر،
فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة
للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو
عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رحمه
الله:
كل
ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو مما فهمه من القرآن.
فإذا
لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة،
رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم
أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال
التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام،
والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما
علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة
والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين،
وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
ومنهم
الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترجمان
القرآن وببركة دعاء رسول الله صلى الله
عليه وسلم له حيث قال:
"اللهم
فقهه في الدين، وعلمه التأويل"
فإذا
لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة
ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من
الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد
بن جبر فإنه كان آية في التفسير، وكسعيد
بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن
أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق ابن
الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية،
والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن
مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن
بعدهم، فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في
عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من
لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا وليس
كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه
أو بنظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه،
والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن،
فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.
وقال
شعبة بن الحجاج وغيره:
أقوال
التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون
حجة في التفسير؟ يعني:
أنها
لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا
صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب
في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم
حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في
ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة
العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.
فأما
تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام.