قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/229-230): الإيمان
بالقدَر هو أحد أركان الإيمان الستة، قال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الإيمان:
أنّ
تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خيرِه
وشرِّه"،
فقوله:
"تؤمن
بالقدَر خيرِه وشرِّه"،
دليلٌ على أنّ الإيمان بالقدَر من أركان
الإيمان الستّة.
قال
تعالى:
{إِنَّا
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)
} ،
كلُّ شيءٍ فإنّ الله خلقه بقدَر، مقدَّرٌ
خلقُه ومقدَّرٌ إيجادُه، ومقدَّرٌ كلُّ
تفاصيلِه، لا يوجد في هذا الكون شيء إلاّ
وهو مقدَّر من خير أو شر، من ضرر أو نفع،
من صلاح أو فساد، من كفر أو إيمان، كلُّه
مقدّر من الله سبحانه وتعالى.
وفي
الحديث الصحيح:
"إن
الله كتب مقادير الأشياء في اللوح المحفوظ
قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف
سنة، وكان عرشه على الماء"(1).
وقال
تعالى:
{مَا
أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ
وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ}
يعني:
في
اللوح المحفوظ، {مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}
أي:
أنّها
مكتوبة في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقها
الله عزّ وجلّ، وقبل أن تحدُث في وقتها،
{إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ}
،
وقال تعالى:
{مَا
أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللهِ}
إذن
الله الكوني القدري، يعني:
بقدره
ومشيئته سبحانه وتعالى، فكل شيء مقدّر
من الله سبحانه وتعالى.
فالإيمان
بالقدر هو أحد أركان الإيمان الستّة، وهو
داخل في التّوحيد، وعدم الإيمان بالقدر
يتنافى مع التّوحيد ويتنافى مع الإيمان،
فمن كفر بالقدر فإنّه كافرٌ بالله عزّ
وجلّ ولا توحيد له ولا دين له، لأنّه جحد
القدر.
وكلمة
"لو" إذا جاء بها الإنسان في سياق الجزع والسخط
على ما يحصل له، فإن هذا نقص في التّوحيد،
وجزع من القدر، لأن الواجب على المسلم:
أن
يرضى بقضاء الله وقدره، ولا يجزع ولا
يسخط، وأن يعلم أنه لا بد أن يحصل له ذلك
شاء أم أبى، جزع أم لم يجزع، لابد أن يحصل
ما قدره الله سبحانه وتعالى.
____________________
(1): " كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " رواه مسلم