صفات الله سبحانه وتعالى كلها كمال ، سواء كانت مطلقة أو مقيدة ، فما كان كمالا محضا فهو مطلق ؛ أي في كل حال وغير مقيد ، وما كان كمالا في حال دون حال فهو مقيد.
فمثلا الخلق والرزق والكلام وما أشبه ذلك ، هذا كمال مطلق ، فيوصف الله به على الإطلاق ، فيقال : إن الله متكلم رازق خالق ، وما أشبه ذلك .
وما كان كمالا في حال دون حال فإنه لا يجوز إطلاقه على الله ، وإنما يوصف به مقيدا ، مثل المكر ، والخديعة ، والاستهزاء ، والكيد ، فهذا يكون كمالا في حال ونقصا في حال ، فلا يوصف الله به إلا على وجه الكمال .
فالمكر مثلا لا يجوز أن تصف الله بالمكر على سبيل الإطلاق فتقول : إن الله ماكر ، فهذا حرام ؛ لأنه يفهم من ذلك النقص والعيب ، فإن المكر عند الإطلاق صفة قدح وذم ، لكنه عند المقابلة يكون صفة مدح ، فتقول : إن الله يمكر بمن يمكر به وبرسله ، وهنا صار المكر صفة كمال ومدح ، أي انه أعلى من مكر أعدائه . كذلك إذا وصفت المكر بما يدل على الكمال فلا باس ، مثل أن تقول : الله خير الماكرين ،كما قال الله تعالى : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّه)(الأنفال: الآية 30) ثم قال : ( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الأنفال: الآية 30)
وكذلك الخداع لا يجوز أن تصف الله بأنه خادع ، أو من صفاته الخداع على سبيل الإطلاق ، لكن يجوز أن تصفه به على سبيل المقابلة ، فتقول : إن الله تعالى يخدع المنافقين ، أو خادع المنافقين ، أو خادع من يخدعه ، أو ما أشبه ذلك ؛ لأنها في هذه الحال تكون صفة كمال، ولا يجوز أن تصفه بها على سبيل الإطلاق لأنها تحتمل معنى صحيحا ومعنى فاسدا.
العلامة العثيمين_ شرح السفارينية(١٥٩_١٦٠)