نقول لمن قال: إن الله واحد لا يتجزأ، ولا ينقسم، وما أشبه ذلك، نقول: هذه ألفاظ بدعية، فليس هناك دليل على أن تصف الله بهذا النفي، وما أنت أعلم بالله من الله، ولا أعلم بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم بالله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قال واحد منهم قط: إنه لا يتبعض، ولا يتجزأ، فاحبس لسانك عما حبسوا ألسنتهم عنه، ولا تتكلم بأشياء فارغة، وليس هناك داع لأن تقول: لا يتجزأ، فلا أحد يتصور أن الله تعالى - وله الحمد والفضل - يتجزأ، لا أحد يتصور هذا حتى تنفيه، فدع ذلك، وإنما ينفى مثل هذا الكلام لو أن أحدًا قاله، أما ولم يقله أحد فليس له داع، بل يقال: لله يد، وله وجه، وله عين، ودع عنك: لا يتجزأ، ولا يتبعض، فلم يتعبدنا الله بهذا، ولا ورد عن الله أنه يتبعض، أو يتجزأ، أو لا يتبعض، ولا يتجزأ، بل قال تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ) (البقرة: الآية 136) وقال: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة: الآية 255) وقال تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) (الإخلاص: 1 - 2)، وكل هذا لم يرد، وما لم يرد فالأدب مع الله ورسوله أن نمسك عنه، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الحجرات: 1)، فلو نفيت ما لم ينفه الله عن نفسه فقد تقدمت بين يدي الله ورسوله، ولو أثبت ما لم يثبته فقد تقدمت بين يدي الله ورسوله.
العلامة العثيمين رحمه الله_ شرح السفارينية(١٥٧_١٥٨)