الأحد، 30 نوفمبر 2014
(كراهة النفخ بالبوق والدق بالناقوس لأنهما من أمر اليهود والنصارى)
روى أبو داود في سننه، وغيره من حديث هشيم أخبرنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قال: «اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة، كيف يجمع الناس لها؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكروا له القُنْع(١) شبور اليهود، فلم يعجبه ذلك، وقال: "هو من أمر اليهود"، قال: فذكروا له الناقوس، فقال: "هو من فعل النصارى ... الحديث".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: النبي صلى الله عليه وسلم لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم، وناقوس النصارى المضروب باليد، علل هذا بأنه من أمر اليهود، وعلل هذا بأنه من أمر النصارى؛ لأن ذكر الوصف عقيب الحكم، يدل على أنه علة له، وهذا يقتضي نهيه عن كل ما هو من أمر اليهود والنصارى.
هذا مع أن قرن اليهود يقال: إن أصله مأخوذ عن موسى عليه السلام، وأنه كان يضرب بالبوق في عهده، وأما ناقوس النصارى فمبتدع، إذ عامة شرائع النصارى أحدثها أحبارهم ورهبانهم.
وهذا يقتضي كراهة هذا النوع من الأصوات مطلقا في غير الصلاة أيضا، لأنه من أمر اليهود والنصارى.
----------------------------
(١): القُنْعُ : البُوق الذى يُنْفخ فيه
الجمعة، 28 نوفمبر 2014
هل من السنة إذا نزل المطر أن يحسر الإنسان عن رأسه ليصيبه المطر؟
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: هل من السنة إذا نزل المطر أن يحسر الإنسان عن رأسه ليصيبه المطر؟
جوابه رحمه الله : نعم من السنة إذا نزل المطر أن يخرج الإنسان شيئاً من بدنه ليصيبه المطر، وليس ذلك خاصًّا بالرأس، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا نزل المطر حسر ثوبه ليصيبه المطر. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أصابنا ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مطر، فحسر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوبه حتى أصابه من المطر.
فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال:«لأنه حديث عهد بربه عز وجل» .
مجموع فتاوى رسائل العثيمين (16/363)
الأربعاء، 26 نوفمبر 2014
صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أبي هريرة قال: " ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان " قال سليمان: " كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر، ويخفف الأخيرتين، ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في العشاء بوسط المفصل ويقرأ في الصبح بطوال المفصل"، رواه النسائي وابن ماجه، وهذا إسناد على شرط مسلم.
(شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-اقتضاء الصراط المستقيم)
الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014
السنة أن يقرأ بطوال المفصل في الفجر
أجمع الفقهاء على أن السُّنة أن يقرأ في الفجر بطوال المُفَصَّل*.
(شيخ الإسلام ابن تيمية/اقتضاء الصراط المستقيم)
-----------------------------------------
* قال الحافظ ابن حجر في الفتح :" أول المفصل من ق إلى آخر القرآن على الصحيح ، وسمي مفصلا لكثرة الفصل بين سوره بالبسملة على الصحيح " .
وقال السيوطي في الإتقان: "للمفصل طوال، وأوساط، وقصار، قال ابن معن: فطواله إلى عم، وأوساطه منها إلى الضحى، ومنها إلى آخر القرآن قصاره، هذا أقرب ما قيل فيه).
الاثنين، 24 نوفمبر 2014
مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام بالرؤية عند إمكانها، لا بالكتابة والحساب
قال شيخ الإسام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنّا أمة أمية؛ لا نكتب ولا نحسب، الشهر: هكذا وهكذا» . يعني مرة: تسعة وعشرين، ومرة: ثلاثين. رواه البخاري ومسلم .
فوصف هذه الأمة بترك الكتاب والحساب الذي يفعله غيرها من الأمم في أوقات عبادتهم وأعيادهم، وأحالها على الرؤية حيث قال- في غير حديث-: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وفي رواية: «صوموا من الوضح إلى الوضح» أي من الهلال إلى الهلال .
وهذا دليل على ما أجمع عليه المسلمون- إلا من شذ من بعض المتأخرين المخالفين المسبوقين بالإجماع- من أن مواقيت الصوم والفطر والنسك إنما تقام بالرؤية عند إمكانها، لا بالكتابة والحساب، الذي تسلكه الأعاجم من الروم والفرس، والقبط، والهند، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وقد روي عن غير واحد من أهل العلم: أن أهل الكتابين قبلنا إنما أمروا بالرؤية - أيضا - في صومهم وعباداتهم، وتأولوا على ذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] ولكن أهل الكتابين بدّلوا.
تفسير قوله تعالى (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة)
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أُعِدَّذتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} :
يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا وما هي عليه، ويبين غايتها وغاية أهلها، بأنها لعب ولهو، تلعب بها الأبدان، وتلهو بها القلوب، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات أعمارهم بلهو القلوب، والغفلة عن ذكر الله وعما أمامهم من الوعد والوعيد، وتراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا، بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله، ومعرفته ومحبته، وقد أشغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله، من النفع القاصر والمتعدي.
[وقوله:] {وَزِينَةً} أي: تزين في اللباس والطعام والشراب، والمراكب والدور والقصور والجاه. [وغير ذلك] {وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ} أي: كل واحد من أهلها يريد مفاخرة الآخر، وأن يكون هو الغالب في أمورها، والذي له الشهرة في أحوالها، {وَتَكَاثُرٌ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ} أي: كل يريد أن يكون هو الكاثر لغيره في المال والولد، وهذا مصداقه، وقوعه من محبي الدنيا والمطمئنين إليها.
بخلاف من عرف الدنيا وحقيقتها، فجعلها معبرا ولم يجعلها مستقرا، فنافس فيما يقربه إلى الله، واتخذ الوسائل التي توصله إلى الله وإذا رأى من يكاثره وينافسه بالأموال والأولاد، نافسه بالأعمال الصالحة.
ثم ضرب للدنيا مثلا بغيث نزل على الأرض، فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، وأعجب نباته الكفار، الذين قصروا همهم ونظرهم إلى الدنيا جاءها من أمر الله [ما أتلفها] فهاجت ويبست، فعادت على حالها الأولى، كأنه لم ينبت فيها خضراء، ولا رؤي لها مرأى أنيق، كذلك الدنيا، بينما هي زاهية لصاحبها زاهرة، مهما أراد من مطالبها حصل، ومهما توجه لأمر من أمورها وجد أبوابه مفتحة، إذ أصابها القدر بما أذهبها من يده، وأزال تسلطه عليها، أو ذهب به عنها، فرحل منها صفر اليدين، لم يتزود منها سوى الكفن، فتبا لمن أضحت هي غاية أمنيته ولها عمله وسعيه.
وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع، ويدخر لصاحبه، ويصحب العبد على الأبد، ولهذا قال تعالى: {وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} أي: حال الآخرة، ما يخلو من هذين الأمرين: إما العذاب الشديد في نار جهنم، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدنيا هي غايته ومنتهى مطلبه، فتجرأ على معاصي الله، وكذب بآيات الله، وكفر بأنعم الله.
وإما مغفرة من الله للسيئات، وإزالة للعقوبات، ورضوان من الله، يحل من أحله به دار الرضوان لمن عرف الدنيا، وسعى للآخرة سعيها.
فهذا كله مما يدعو إلى الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ولهذا قال: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} أي: إلا متاع يتمتع به وينتفع به، ويستدفع به الحاجات، لا يغتر به ويطمئن إليه إلا أهل العقول الضعيفة الذين يغرهم بالله الغرور.
ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته، وذلك يكون بالسعي بأسباب المغفرة، من التوبة النصوح، والاستغفار النافع، والبعد عن الذنوب ومظانها، والمسابقة إلى رضوان الله بالعمل الصالح، والحرص على ما يرضي الله على الدوام، من الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه النفع، ولهذا ذكر الله الأعمال الموجبة لذلك، فقال: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} والإيمان بالله ورسله يدخل فيه أصول الدين وفروعها، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} أي: هذا الذي بيناه لكم، وذكرنا لكم فيه الطرق الموصلة إلى الجنة، والطرق الموصلة إلى النار، وأن فضل الله بالثواب الجزيل والأجر العظيم من أعظم منته على عباده وفضله. {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الذي لا يحصى ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني عليه عباده.
الأحد، 23 نوفمبر 2014
لم يثبت حديث في الجمع بين الصلاتين في المطر
ينبغي أن يُعلم أنّه لم يثبت عن النّبيّ –صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم – في الجمع بين الصلاتين في المطر حديث ، وقد جاء حديث مرسل لا غير .
أمّا حديث أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم- جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر فالنّبيّ –صلى الله عليه وعلى آله وسلّم- فعله مرّة أو مرّتين ، ولا يستدلّ بمفهومه أنّه يجمع في المطر لأنّ المطر له حكم خاص . ما هو حكمه ؟ أن يقول المؤذّن بدل حيّ على الصلاة : صلّوا في رحالكم ، صلّوا في رحالكم كما في الصحيح ، أو يقولها أيضا بعد انتهاء الآذان : صلّوا في رحالكم ، صلّوا في رحالكم.
فأنت في حالة المطر لك أن تصلّي في بيتك وتصلّي كلّ صلاة في وقتها .
------------
الإمام الوادعي رحمه الله
من شريط : ( الأجوبة على أسئلة الإمارة)
القيام للداخل ليس من آداب الإسلام أبداً!
قال الإمام الألباني رحمه الله: يوجد رجل عالم اسمه ابن بطة كان شديد التمسك بالسنة وكان يكره هذا القيام ، ذات يوم نزل إلى السوق ومعه صاحب له شاعر ينظم الشعر فمر على رجل عالم فاضل في دكانه ... فقام العالم قام لابن بطة احتراما له فقال لصاحبه الشاعر ، آه ، قال لما قام هذا الرجل العالم في الدكان يعرف أن ابن بطة يكره هذا القيام فقابله ببيتين من الشعر قال :
" لا تلمني على القيام فحقي حين تبدوا أن لا أمل القيام
أنت من أكرم البرية عندي ومن الحق أن أجل الكرام "
فقال العالم لصاحبه الشاعر أجبه عني ، الشاعر عارف عقيدة ابن بطة ورأيه في هذه المسألة فأجابه رأسا قال:
" إن كنت لا عدمتك ترى لي حقا وتظهر الإعظام
فلك الفضل في التقدم والعلم ولسنا نريد منك احتشاما
فأعفني الآن من قيامك هذا أولا فسأجزيك القيام قياما
وأنا كاره لذلك جدا إن فيه تملقا وآثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقاك بما يستحل به الحرام "
والشاهد هنا وقد يكون في شيء مخفي بالنسبة لكم من المعاني لكن الشاهد واضح ان شاء الله
" وإذا صحت الضمائر منا اكتفينا من أن نتعب الأجسام
كلنا واثق من ود أخيه ففيما انزعاجنا وعلام "
مادام نحن متحابون ومتوادون لماذا كل ما دخل واحد يا الله قوم واقعد قوم واقعد؟!
خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كان الرسول وهو سيد البشر يدخل على أفضل الناس بعد الأنبياء والرسل أصحابه الكرام وفيهم أبو بكر وعمر ما أحد يقوم له ؛ إذن نحن أحق من أن نقتدي بالرسول عليه السلام سواء كنا من أهل العلم أو من طلاب العلم ؛ لأن هذا الذي هو من أهل العلم فهو دون الرسول عليه السلام بملايين الدرجات دونه وطلاب العلم مهما كانوا يعني حريصين على طلب العلم والتمسك بالآداب فهم دون الصحابة بملايين الدرجات ؛ فإذا كان الصحابة لا يقومون للرسول فإذا هؤلاء الطلاب لا ينبغي أن يقوموا لمشايخهم ، والمشايخ إذا كانوا حقا مشايخ ينبغي أن يكرهوا هذا القيام لأن الرسول عليه السلام كره هذا القيام.
سلسلة الهدى والنور-الشريط٨٠
بمثل هذا المنهاج يمكننا أن نميز سُنّة العادة من سُنة العبادة
السُّنة العادية هي التي لم يظهر حينما فعلها الرسول لم يظهر فيها قصد التعبد والتقرب إلى الله تبارك وتعالى بها ، مثلا لقد كان من لباس النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلان لهما قبالان ). فما يظهر هنا أن الرسول عليه السلام كان يلبس هذا النوع من النعل قاصدا به التقرب إلى الله تبارك وتعالى ؛ كذلك مثلا ثبت في صحيح مسلم أيضا من حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( لما دخل مكة فاتحا لها دخلها وله أربع غدائر ) له أربع غدائر أي ظفائر ، فهذه لهجات عربية ما أدري أنتم ماذا تقولون غدائر أم ظفائر ؟ .
الطالب : ظفائر .
الشيخ : ظفائر ، نعم ، وهذه العادة لا تزال موجودة في بعض الصحارى العربية تجد الشاب جميلا وسيما له غديرتان أو أكثر ؛ هذه من سنن العادة وليست من سنن العبادة كذلك الحكم بالنسبة لسؤالك الذي خصصته بالعمامة ؛ فالعمامة أيضا عادة عربية قديمة كانت قبل وجود الرسول صلى الله عليه وسلم كلباسهم العباءة ؛ فهذه ألبسة عربية لم يظهر في تعامل الرسول عليه السلام بالعمامة أنه قصد بذلك التقرب إلى الله تبارك وتعالى ؛ نعم لو ثبت بعض الأحاديث التي وردت في فضل العمامة لارتفع شأنها من السنة العادية إلى السنة التعبدية ؛ لكن فيما علمت لم يثبت حديث ما في فضل ... كمثل قوله عفوا ، كمثل ما ينسب إليه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( صلاة بعمامة تفضل سبعين صلاة بغير عمامة ) . لو أن مثل هذا الحديث كان ثابتا لثبت أن العمامة هي سنة تعبدية وليست سنة عادية ؛ ومن ذلك مثلا وهذا أمر هام أن الرسول عليه الصلاة والسلام صلى في مكان ما لظرف ما ولم يظهر أنه عليه الصلاة والسلام حينما صلى في ذلك المكان قصده لذاته ، من أجل هذا جاء في مصنف ابن أبي شيبة وسنن سعيد بن منصور بالسند الصحيح :" أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما حج في خلافته ونزل منزلا رأى بعض الناس يسلكون طريقا فسأل أين يذهب هؤلاء ؟ قال يذهبون إلى مصلى صلى به الرسول عليه الصلاة والسلام فخطب فيهم وقال : يا أيها الناس من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فليصل ومن لم تدركه الصلاة فلا يصلي فيها فإنما أهلك الذين من قبلكم إتباعهم آثار أنبيائهم " ؛ فهذا رسول الله صلى في ذلك المكان في سفره إن ما صلى في ذاك المكان صلى في مكان آخر فهو ما قصد الصلاة في ذاك المكان لعينه ولذاته ؛ فإذن لا يجوز للمسلم أن يتقصد الصلاة في مكان صلى فيه الرسول لكن لم يظهر فيه أنه قصده لخصوص فضيلة فيه ؛ فالتفريق إذاً بين سنن العادة وسنن العبادة هو أن يكون الفعل فعله الرسول عليه السلام بوازع شخصي أو عادي ولم يظهر مع ذلك شيء منه يشعر بأن هذا الذي فعله هو من سنن العبادة ؛ نضرب مثلا آخر ، لباس البياض ، كان ممكن أن يعتبر من سنن العادة لكن جاء حديثه عليه السلام ( خير ثيابكم البياض فالبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم ). انتقل هذا من مرتبة سنن العادة إلى سنن العبادة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفها بالخيرية ؛ بمثل هذا المنهاج يمكننا أن نميز سنة العادة من سنة العبادة .
الإمام الألباني رحمه الله
سلسلة الهدى والنور-الشريط٨٠
الثلاثاء، 18 نوفمبر 2014
تسمية الربا فائدة حرام
يجب أن تنتبهوا لهذه الحقيقة ، الربا يسمونها فائدة ، هذه التسمية حرام لأنها تغير من حقيقة الحكم الشرعي ، فائدة كلمة ناعمة توحي إلى الإنسان أن هذا الربح الذي جاءه بطريق الربا من البنك فائدة ؛ لكن هو ربا ، والربا كما يقول الرسول عليه السلام: ( عاقبة الربا إلى قل ). عاقبة الربا إلى قل يعني بدل أن ينموا ويزداد فهو يقل وينقص عكس ما تراه من هؤلاء الناس ؛ لذلك لا يجوز للمسلم أن يودع ماله في البنك لأي سبب من الأسباب ؛ لأنه كما قلنا " الغاية لا تبرر الوسيلة " وكما قال الشاعر العربي القديم:
" أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
على المسلم أن يتقي الله عزوجل في ماله وأن يتخذ الأسباب الشرعية المحافظة عليه ويتوكل على الله ربه تبارك وتعالى ؛ حينئذ سيستغني عن البنك بأصله وفصله.
الإمام الألباني رحمه الله-سلسلة الهدى والنور-الشريط٧٨
من التشبُّه بالكفار لبس ربطة العنق(الجرافيت)
قال الإمام الألباني رحمه الله: الاستيطان في بلاد الكفر هذا منهي عنه طبعا ، المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ، قال عليه السلام: ( المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما ). أي لا يتجاوران ؛ وذلك لأن المسلم إذا عاش في جو الكفر يتشرب فيه من عاداتهم ومن تقاليدهم من حيث لا يشعر ؛ أنا جرت لي واقعة سافرت مرة إلى بريطانيا مع الشيخ محمد عبد الوهاب البنا وكان يومئذ شهر الصيام رمضان قيل لنا في قرية بعيدة من لندن يمكن نحو مئتين كيلو متر أن هناك شاب هندي متدين ومتزين بزي الإسلام ملتحي ، فأثنوا عليه خيرا فقصدناه وجلسنا على مائدة الطعام للإفطار فرأيته قد عقد العقدة هذه يلي بسموها الجرافيت ، فتحدثت مطولا في موضوع قوله عليه السلام ( من تشبه بقوم فهو منهم ). وذكرت يومئذ ما كان يحضرني من أحاديث والتي تنهي عن التشبه بالكفار فوجدت الرجل قد استجاب فورا مع أنه يتعشى ورماها أرضا ؛ بقدر ما سررت من هذه الاستجابة السريعة أسفت لما سمعت كلامه حول هذه القضية حيث قال أنا والله يا أستاذ أنا أضع هذه فقط لأنه هنا البريطانيين ينظرون إلى إخواننا الفلسطينيين نظرة احتقار ؛ لأنهم لا يضعون الجرافيت هذه وبضعوا القميص هكذا مفتحا الزر فينظرون إليهم نظرة احتقار ؛ لكي لا ينظر الأوروبيون إليه هذه النظرة هو وضع هذه الجرافيت ! قلت له: سبحان الله يعني أنت تتأثر بذوق البريطانيين الكفار وتضع الجرافيت هذه متشبها بهم وتأبى أن تشبه بإخوانك المسلمين؟!
(سلسلة الهدى والنور-الشريط٧٩)
(مجرد إطالة الثوب ما دون الكعبين فهو شر يستحق صاحبه النار)
قال الإمام الألباني رحمه الله: إسبال الإزار لا يجوز في أي حال من الأحوال ؛ لكن كما قيل حنانيك بعض الشر أهون من بعض ، الإسبال بالإزار دون خيلاء شر ، وإسبال الإزار مقرون بالخيلاء أشر ، كلاهما شر ؛ لكن بعضها أشد من بعض ، كثير من الناس بمقدار ما ربنا أعطاهم من علم من فهم إلى آخره يتوهم أن إسبال الإزار إذا لم يكن مقرونا بالخيلاء كما جاء في الأحاديث ليس فيه شيء لأنه في الحديث يقول ( من جر إزاره خيلاء ) . جوابنا على هذا الكلام أو هذا الفهم كان يمكن أن يكون صحيحا وأن أي إسبال لم يقترن معه الخيلاء ليس فيه شيء لو لم يكن هذا الباب إلا حديث ( من جر إزاره خيلاء ). لكن عندنا أحاديث أخرى ، هذه الأحاديث الأخرى تعطينا المعنى الأول اللي هو أهون شرا من الآخر وهو مجرد إطالة الثوب ما دون الكعبين بدون ذكر خيلاء ؛ فهو شر يستحق صاحبه النار ؛ لكن ذاك أشر ؛ والدليل على هذا أولا عندنا حديث عن بعض الصحابة ومنهم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إزرة المؤمن إلى نصف الساق فإن طال فإلى الكعبين فإن طال ففي النار ) ...
الطالب : يعني ما يزيد عن هذا الكعب ففي النار ؟ .
الشيخ : أيوه ، أينعم ؛ ففي النار ؛ إذن هذا الحديث يضع نظاما للمسلم الذي يريد أن يكون مرضيا عند الله عزوجل يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم الإزار لك في المرتبة الأولى أن يكون طوله إلى نصف الساق ، هذا هو الأفضل ، إذا بدك تزيد في طوله كمان شويه لا بأس إلى ما فوق الكعبين ، فإن طال ففي النار ؛ هنا ما ذكر خيلاء ، واضح الكلام ؟ هنا ما ذكر الخيلاء ، هنا ذكر نظاما للمسلم كيف ينبغي أن يكون لباسه ، جلابيبه ، قميص ، عباءه ، أي شيء كان ، بنطلون الذي ابتلي به الشباب ، أضف إلى نصف الساق فإن طال فإلى الكعبين فإن طال ففي النار ؛ عندنا حديث آخر وعظيم جدا رأى الرسول عليه السلام رجلا من أصحابه قد طال إزاره قال له: ( يا فلان ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى ). أتقى وأنقى ، أتقى لله وأنقى لثوبه ؛ أجابه الرجل : " يا رسول الله إني أحنف " ، شكل الساقين هيك يعني فيها اعوجاج ؛ فهو يريد أن يستر هذا الانحناء ؛ لكن اسمعوا جواب الرسول ما أجمله وما أحوجنا إليه في هذا العصر الذي كثرت فيه التأويلات .. خاصة فيما يتعلق بنتف الحواجب ونتف الخدود ونحو ذلك ؛ قال : " يا رسول الله إني أحنف " قال ( يا فلان كل خلق الله حسن ) أنت خلقت نفسك هكذا ؟ لا ، هذا خلق الله ، فأروني ماذا خلق الذين من دونه ؟ لا شيء ؛ إذا ما رخص الرسول عليه السلام لهذا الصحابي الجليل أن يطيل ثوبه ليس خيلاء وإنما سترا لهذا العيب عند الناس وهو ليس عيبا كل خلق الله حسن ؛ فما برر له ذلك وما أجاز له ذلك ؛ إذن إطالة الإزار ما دون الكعبين شر وأشر ، شر لأنه خالف المنهج النبوي الذي وضعه للمسلم إلى نصف الساق فإن طال فإلى الكعبين فإن طال ففي النار ؛ لكن قد اقترن معه شيء من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم ؛ وضح أيضا لك هذا إن شاء الله .
الطالب : نعم جزاك الله خيرا .
الشيخ : أهلا مرحبا .
الطالب : أثابكم الله وجزاكم خير .
الشيخ : وإياك .
الطالب : ما جر على الكعبين إنما على الكعبين تماما ؟ .
الشيخ : الجواب كما أريد أن أقول لك ( من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) .
يضحك الشيخ رحمه الله مع الطلبة .
الطالب : يعني لو زاد قليلا ... .
الشيخ : يعني هو رايح يزيد سنت ، لا ، اقطع دابر الشر من أصله .
الطالب : أحيانا عندما يريد أن يفصل ثوبه ويحدد مقاس طوله ، يأتي عنده الثوب خلاف ما قصه فتروح أيام وتأتي أيام فيأتي في بالي هذه الوعود وعيد شديد من العذاب .
المصدر
سلسلة الهدى والنور-الشريط٧٧