الأحد، 7 يوليو 2013

متى تُخرَج زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراجها نقوداً؟ وما حكم إرسالها إلى بلد غير البلد المقيم فيه؟ وهل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟


 
متى تُخرَج زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراجها نقوداً؟ وما حكم إرسالها إلى بلد غير البلد المقيم فيه؟ وهل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟
 
سئل الإمام المحدِّث الألباني رحمه الله كما في "أسئلة مجلة الأصالة":السؤال48: هل يجوز إخراج زكاة الفطر قبل موعدها بأيام أو أسابيع؟
فأجاب رحمه الله : هذا لا يجوز، لأنه يضاد الحكمة التي رمى إليها الشارع من جراء إخراج زكاة الفطر، فهو أراد أن يغني الفقراء عن السؤال في يوم العيد، فإذا أخرجها قبل العيد بمدة أسبوع أو أكثر فلا شك أن الغاية تنتفي من جراء هذا العمل، لأن الفقير ينتفع بالصدقة في تلك الأيام التي استلمها فيها، فيأتي يوم العيد، فيمكن أن يكون محتاجاً فقيرا.وبخاصة مع ورود علة الحكم في ذلك أنها"طهرة للصائم"، وهذا لا يكون إلا بعد انتهاء شهر الصيام.فلم يكن القصد من زكاة الفطر أن يغنيه الشارع عن السؤال في رمضان، وإنما عن السؤال والحاجة في يوم العيد، فيمكن مع بعض التسامح أن نسمح للمتصدق بسبب الظروف الحاضرة، وبعض الأمكنة أن يخرج زكاته قبل يوم أو يومين، وبهذا وردت آثار صحيحة عن بعض الصحابة أنهم تساهلوا في يوم أو يومين.اهـ

 
وسئل الإمام ابن عثيمين رحمه الله كما في "مجموع فتاواه" (18 /172):عن حكم إخراج زكاة الفطر في أول يوم من رمضان؟ وما حكم إخراجها نقداً؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز إخراج زكاة الفطر في أول شهر رمضان، وإنما يكون إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين؛ لأنها زكاة الفطر، والفطر لا يكون إلا في آخر الشهر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، ومع ذلك كان الصحابة يعطونها قبل العيد بيوم أو يومين.أما إخراجها نقداً فلا يجزىء؛ لأنها فرضت من الطعام، قال ابن عمر رضي الله عنهما : «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير»، وقال أبو سعيد الخدري: «كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا التمر، والشعير، والزبيب، والأقط». فتبين من هذين الحديثين أنها لا تجزىء إلا من الطعام، وإخراجها طعاماً يظهرها ويبينها ويعرفها أهل البيت جميعاً، وفي ذلك إظهار لهذه الشعيرة، أما إخراجها نقداً فيجعلها خفية، وقد يحابي الإنسان نفسه إذا أخرجها نقداً فيقلل قيمتها، فاتباع الشرع هو الخير والبركة.وقد يقول قائل: إن إخراج الطعام لا ينتفع به الفقير.وجوابه: أن الفقير إذا كان فقيراً حقًّا لابد أن ينتفع بالطعام.اهـ

وسئل رحمه الله كما في "مجموع فتاواه" (18 / 172):عن حكم إخراج زكاة الفطر في العشر الأوائل من رمضان؟
فأجاب فضيلته بقوله: زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر لأن الفطر هو سببها، فإذا كان الفطر من رمضان هو سبب هذه الكفارة فإنها تتقيد به ولا تقدم عليه، ولهذا كان أفضل وقت تخرج فيه يوم العيد قبل الصلاة، ولكن يجوز أن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، لما في ذلك من التوسعة على المعطي والأخذ، أما قبل ذلك فإن الراجح من أقوال أهل العلم أنه لا يجوز، وعلى هذا فلها وقتان:وقت جواز وهو: قبل العيد بيوم أو يومين.ووقت فضيلة وهو: يوم العيد قبل الصلاة.أما تأخيرها إلى ما بعد الصلاة فإنه حرام، ولا تجزىء عن الفطرة لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : «ومن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»، إلا إذا كان الرجل جاهلاً بيوم العيد، مثل أن يكون في برية ولا يعلم إلا متأخراً وما أشبه ذلك، فإنه لا حرج أن يؤديها بعد صلاة العيد وتجزئه عن الفطرة.اهـ



وسئل الإمام ابن باز رحمه الله: ما حكم الإسلام في رجلٍ صام رمضان وقامه -والحمد لله- إلا أنه عند نهاية شهر رمضان وعند إخراج زكاة الفطر التي هي طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين كما جاء في الحديث، وهي صاع من بر أو صاع من شعير، لكن هذا الرجل أخرجها نقوداً ظناً منه أن النقود قد تحل محل التمر أو الدقيق أو الأرز، ما رأيكم في هذا؟


لا يجوز هذا، الصواب أن يخرجه طعاماً كما بيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم، والقول بإخراج النقود بدل الطعام قول ضعيف، والصواب أن الواجب على المسلمين إخراج الزكاة طعاماً صاعاً من قوت البلد هذا هو الواجب، ولا يصح لأحد الاجتهاد في هذا وإخراج نقود.


سئل الإمام ابن باز أيضاً: أنا من المقيمين في قطر ولست من أهلها، هل لي أن أبعث بصدقة الفطر إلى بلدي، أم أدفعها حيث أنا مقيم؟
تدفع صدقة الفطر في المحل الذي أنت فيه، تخرج زكاة الفطر في محلك في قطر للفقراء عندك لا ترسلها إلى بلدك.



وسئل أيضاً: بخصوص الصدقة أو فطرة عيد الفطر، هل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟ جزاكم الله خيراً.أما الصدقة تطوع فلا بأس أن يعطاها الكافر الفقير الذي ليس حربي، يعني بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو عهد لا بأس، يقول الله -جل وعلا- في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(8) سورة الممتحنة. فأخبر سبحانه وتعالى- لا ينهانا عن هذا، يقول لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ, البر منها الصدقة، وقد قدمت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها- على النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة في أيام الهدنة تسأل بنتها الصدقة والمساعدة، فاستأذنت أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك فأذن لها أن تتصدق عليها وتحسن إليها، وقال: "صليها" فالمقصود أن الإحسان والصدقة على الفقراء من أقاربك الكفار أو من غيرهم لا بأس بذلك، إذا كان بيننا وبينهم أمان أو ذمة أو معاهدة، أما إذا كان حرباً لنا في حال الحرب، فلا، لا نعطيهم شيئاً, لا قليل ولا كثير، في حال الحرب؛ لأن هذا موالاة لهم، لا قليلاً ولا كثيرا، أما الزكاة لا، لا يعطاها إلا المؤلفة قلوبهم، الزكاة يعطاها المؤلفة من رؤساء العشائر، كبار القوم, الناس الذين إذا أعطوا يرجى إسلامهم، إسلام من ورائهم، يدفعون عن المسلمين الشر؛ لأنهم رؤساء وكبار وأعيان، يعطوا من الزكاة لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (60) سورة التوبة. المؤلفة قلوبهم يدخل فيهم المسلم والكافر، المسلم الذي هو ضعيف إيمانه من أهل البادية وغيرهم يعطى، والكافر الذي يؤلف يرجى إسلامه أو يرجى دفع شره عن المسلمين، أو إسلام من ورائه، لا بأس أن يعطى من الزكاة، أما عامتهم فلا يعطون من الزكاة ولكن يعطون من غير الزكاة؛ لأنها للفقراء.