الثلاثاء، 31 مارس 2015

(حكم غسل ما استرسل من اللحية)

اختلف أهل العلم في حكم غسل ما استرسل من اللحية، فمنهم من قال بالوجوب، ومنهم من قال بالاستحباب، ومنهم من قال لا يشرع الغسل وهو اختيار ابن حزم كما في المحلى. 
والأقرب أنه يجب غسل ما استرسل من اللحية والله أعلم
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )
قال ابن عبد البر في الاستذكار:
من جعل غسل ما انسدل من اللحية واجبا جعلها وجها والله قد أمر بغسل الوجه أمرا مطلقا لم يخص صاحب لحية من أمرد فكل ما وقع عليه اسم وجه فواجب غسله لأن الوجه مأخوذ من المواجهة وغير ممتنع أن تسمي اللحية وجها فوجب غسلها لعموم الظاهر.
ومن لم يوجب غسل ما انسدل من اللحية ذهب إلى أن الأصل المأمور بغسله بشرة الوجه وإنما وجب غسل اللحية لأنها ظهرت فوق البشرة حائلة دونها وصارت البشرة باطنا وصار الظاهر هو شعر اللحية فوجب غسلها بدلا من البشرة وما انسدل من اللحية ليس لحية فما يلزم غسله فيكون غسل اللحية بدلا منه كما أن جلد الرأس مأمور بغسله أو مسحه فلما نبت الشعر ناب مسح الشعر عن مسح جلدة الرأس لأنه ظاهر فهو بدل منه وما انسدل من الرأس وسقط فليس تحته بشرة يلزم مسحها ومعلوم أن الرأس المأمور بمسحه ما علا ونبت فيه الشعر وما سقط من شعره وانسدل فليس برأس وكذلك ما انسدل من اللحية ليس بوجه والله أعلم
قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع:
والأقرب في ذلك الوجوب ، والفرق بينها وبين الرأس : أن اللحية وإن طالت تحصل بها المواجهة ؛ فهي داخلة في حد الوجه ، أما المسترسل من الرأس فلا يدخل في الرأس ، لأنه مأخوذ من الترؤس وهو العلو ، وما نزل عن حد الشعر ، فليس بمترئس .ا.هـ
واستدل المجد ابن تيمية على غسل المسترسل من اللحية بحديث عمرو بن عبسة قال: «قلت: يا رسول الله حدثني عن الوضوء قال: ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ...الحديث» أخرجه مسلم
قال: فهذا يدل على أن غسل الوجه المأمور به يشتمل على وصول الماء إلى أطراف اللحية.(المنتقى)

(التخليل بين الأصابع في الوضوء)

عن لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: "أسبغ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا". رواه الخمسة وغيرهم وصححه الإمام الوادعي في الصحيح المسند
تخليل الأصابع : إيصال الماء بين الأصابع.
قال في عون المعبود :
وَالْحَدِيث فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب تَخْلِيل أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي:
قال أصحابنا: من سنن الوضوء تخليل أصابع الرِّجلين في غسلهما. قال: وهذا إذا كان الماء يصل إليهما من غير تخليل، فلو كانت الأصابع ملتفة لا يصل إليها الماء إلا بتخليل، فحينئذٍ يجب التخليل لا لذاته، لكن لأداء فرض الغسل.
وفي الموسوعة الفقهية:
إيصَالُ الْمَاءِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالتَّخْلِيلِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْغُسْلِ , فَهُوَ فَرْضٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ ; لقوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ ) .
أَمَّا التَّخْلِيلُ بَعْدَ دُخُولِ الْمَاءِ خِلَالَ الْأَصَابِعِ , فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ( الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ) أَنَّ تَخْلِيلَ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ , لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ : ( أَسْبِغْ الْوُضُوءَ , وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ ) , وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ .

الاثنين، 30 مارس 2015

(حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل)

اختلف العلماء في حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل إلى أقوال:
فقيل: المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء وفي الغسل.
وقيل: واجبان في الوضوء والغسل.
وقيل: المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء، واجبان في الغسل.
وقيل: واجبان في الوضوء دون الغسل.
وقيل: المضمضة سنة، والاستنشاق واجب فيهما.
والراجح: أن المضمضة سنة في الوضوء وفي الغسل، وأما الاستنشاق فواجب في الوضوء، سنة في الغسل، والله أعلم.
وسبب اختلاف العلماء اختلافهم في الأدلة الواردة في الباب
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ﴾
وروى مسلم أن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من أتم الوضوء كما أمره الله تعالى، فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن)).
وليس في كتاب الله ذكر المضمضمة والاستنشاق، فدلَّ على أنهما غير واجبين في الوضوء.
وروى البخاري من حديث طويل، في قصة الرجل الذي أصابته جنابة ولا ماء، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((خُذ هذا فأفرغه عليك)).
وروى مسلم عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين)).
وليس فيهما ذكر المضمضة والاستنشاق، فدل على أنهما غير واجبين في الغسل.
إلا أنه وردت أحاديث فيها الأمر بالاستنشاق في الوضوء، فقد روى البخاري، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا توضأ أحدكم، فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر)).
ولفظ مسلم: ((إذا توضأ أحدكم، فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر))
وروى أحمد والنسائي وغيرهم من حديث لقيط بن صبرة الطويل وفيه: ((وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا)).
قال ابن المنذر: "والذي به نقول: إيجاب الاستنشاق خاصة دون المضمضة؛ لثبوت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالاستنشاق، ولا نعلم في شيء من الأخبار أنه أمر بالمضمضة... وأمره على الفرض". (الأوسط)
وقال ابن عبد البر: "وحجة من فرَّق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل المضمضة ولم يأمر بها، وأفعاله مندوب إليها، ليست بواجبة إلا بدليل، وفعل الاستنثار وأمر به، وأمره على الوجوب أبدًا، إلا أن يتبين غير ذلك من مراده".(التمهيد)
(استفدته من بحث عبر الشبكة غير أني تصرفت فيه باستخلاص الزبدة في المسألة)

الأحد، 29 مارس 2015

(النهي عن إدخال اليد في الإناء قبل غسلها عند الانتباه من النوم)

قال المجد ابن تيمية رحمه الله في المنتقى:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده» . رواه الجماعة إلا أن البخاري لم يذكر العدد، وفي لفظ الترمذي وابن ماجه «إذا استيقظ أحدكم من الليل» .
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسل ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين طافت يده» . رواه الدارقطني وقال: إسناد حسن.
قال النووي في شرحه على مسلم: الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهي تنزيه لا تحريم.
قال الشوكاني في النيل:
قوله: (من نومه) أخذ بعمومه الشافعي والجمهور فاستحبوه عقب كل نوم، وخصه أحمد وداود بنوم الليل لقوله في آخر الحديث: (باتت يده) لأن حقيقة المبيت تكون بالليل. ويؤيده ما ذكره المصنف رحمه الله في رواية الترمذي وابن ماجه، وأخرجها أيضا أبو داود وساق مسلم إسنادها، وما في رواية لأبي عوانة ساق مسلم إسنادها أيضا «إذا قام أحدكم للوضوء حين يصبح» لكن التعليل بقوله: (فإنه لا يدري أين باتت يده) يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل، وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة.

الجمعة، 27 مارس 2015

استحباب التسمية للوضوء

اختلف العلماء في حكم التسمية للوضوء فمنهم من قال بالوجوب ومنهم من قال بالاستحباب وهو مذهب جمهور العلماء وهو الصحيح، وليس هناك دليل يثبت يدل على استحباب التسمية وإنما هي عمومات الأدلة، فقد قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم في التسمية حديثا صحيحا، وسئل عن التسمية في الوضوء، فقال: ليس يثبت في هذا حديث، ولا أعلم فيها حديثاً له إسناد جيد. وقال البزار: كل ما روي في هذا الباب فليس بقوي. وقال العقيلي: الأسانيد في هذا الباب فيها لين. وقال النووي: لَيْسَ فِي أَحَادِيث التَّسْمِيَة عَلَى الْوضُوء حَدِيث صَحِيح صَرِيح. وقال: قال البيهقي:
" أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ" وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ "(المجموع)
قال ابن الملقن: بل وجد فِي (التَّسْمِيَة) حَدِيث صَحِيح من غير شكّ وَلَا مرية، لَكِن لَيْسَ بِصَرِيح؛ بل يسْتَدلّ بِعُمُومِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة وَاحْتَجُّوا بِهِ: النَّسَائِيّ، وَابْن مَنْدَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ، من حَدِيث معمر، عَن ثَابت وَقَتَادَة وذكر حديث أنس السابق... (البدر المنير)
وبوَّب الإمام البخاري في صحيحه باب التسمية على كل حال وعند الوقاع.

وسئل الإمام الوادعي رحمه الله: ما الراجح لديكم في مسألة التسمية للوضوء ؟
الجواب: كنا نقول : إن من توضأ ولم يذكر اسم الله عليه وقد أفتينا بهذا مراراً أن وضوءه باطل ويترتب على هذا بطلان صلاته ، لكن الأخ الشيخ الفاضل عبدالعزيز البرعي حفظه الله تعالى ألّف رسالة وقرأ علينا منها أو قرأها كلها ؛ وإذا الأدلة تدل على الفضيلة .
وأما الأحاديث التي تدل على أنه شرط في صحة الوضوء فهي شديدة الضعف لا تصلح للشواهد والمتابعات والحمد لله .
من شريط : ( الأجوبة على أسئلة العيزري ) .