الثلاثاء، 5 مايو 2015

(الوضوء للطواف مستحب ليس بشرط ولا واجب)

اختلف العلماء في اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر في الطواف، والراجح أنها ليست بشرط ولا واجب ولكن يُستحب له الوضوء، لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ أولَ شيءٍ بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم مكةَ أنه توضأ . ثم طاف بالبيت .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
الذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً ؛ فإنه لم يَنقل أحدٌ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف ، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة ، وقد اعتمر عمَراً متعددة والناس يعتمرون معه فلو كان الوضوء فرضاً للطواف لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً عامّاً ، ولو بيَّنه لنَقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه ، ولكن ثبت في الصحيح أنه لما طاف توضأ ، وهذا وحده لا يدل على الوجوب ؛ فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة ، وقد قال : " إني كرهتُ أن أذكر الله إلا على طهر.
(مجموع الفتاوى)
وقال ابن القيم :... فإن قيل : فقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم متوضئا , وقال " خذوا عني مناسككم " ؟ . قيل : الفعل لا يدل على الوجوب . والأخذ عنه : هو أن يفعل كما فعل على الوجه الذي فعل , فإذا كان قد فعل فعلا على وجه الاستحباب , فأوجبناه , لم نكن قد أخذنا عنه , ولا تأسينا به , مع أنه صلى الله عليه وسلم فعل في حجته أشياء كثيرة جدا لم يوجبها أحد من الفقهاء . فإن قيل : فما تقولون في حديث ابن عباس " الطواف بالبيت صلاة " ؟ . قيل : هذا قد اختلف في رفعه ووقفه , فقال النسائي والدارقطني وغيرهما : الصواب أنه موقوف , وعلى تقدير رفعه , فالمراد شبيه بالصلاة , كما شبه انتظار الصلاة بالصلاة , وكما قال أبو الدرداء " ما دمت تذكر الله فأنت في صلاة , وإن كنت في السوق " ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " إن أحدكم في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة " فالطواف وإن سمي صلاة فهو صلاة , بالاسم العام , ليس بصلاة خاصة , والوضوء إنما يشترط للصلاة الخاصة , ذات التحريم والتحليل .
(تهذيب السنن)
قال العلامة العثيمين رحمه الله : فالقول الراجح الذي تطمئن إليه النفس : أنه لا يشترط في الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل واتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك ، ولكن أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام ، مثل : لو أحدث أثناء طوافه في زحام شديد ، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام الشديد ، لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط : فيه مشقة شديدة ، وما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيه النص ظهوراً بيِّناً : فإنه لا ينبغي أن نُلزم الناس به ، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر ؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ لقوله تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) .
(الشرح الممتع)