الثلاثاء، 12 مايو 2015

(إيجاب الغسل من التقاء الختانين "وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة، وإنما المراد تغييب رأس الذكر في الفرج")


عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل.» (متفق عليه) ولمسلم «وإن لم ينزل»
.
قوله: (شعبها) الشعب جمع شعبة وهي القطعة من الشيء، قيل: المراد هنا يداها ورجلاها، وقيل: رجلاها وفخذاها. وقيل: ساقاها وفخذاها، وقيل: فخذاها وأسكتاها. وقيل: فخذاها وشفراها، وقيل: نواحي فرجها الأربع، قاله في الفتح: قال الأزهري: والأسكتان: ناحيتا الفرج، والشفران: طرفا الناحيتين.
.
قوله: (ثم جهدها) بفتح الجيم والهاء يقال: جهد وأجهد أي بلغ المشقة، قيل: معناه كدها بحركته، أو بلغ جهده في العمل بها، والمراد به هنا معالجة الإيلاج، كنى به عنها.
.
.
> والحديث يدل على أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال، بل يجب بمجرد الإيلاج أو ملاقاة الختان الختان كما سيأتي، وقد ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة والعترة والفقهاء وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وروى ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال: انعقد إجماع الصحابة على إيجاب الغسل من التقاء الختانين، قال: وليس ذلك عندنا كذلك، ولكنا نقول: إن الاختلاف في هذا ضعيف، وإن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم من السلف والخلف، انعقد إجماعهم على إيجاب الغسل من التقاء الختانين أو مجاوزة الختان الختان .ا.هـ
.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل» (رواه مسلم والترمذي وصححه) ولفظه: «إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل»
.
قوله: (الختان) المراد به هنا موضع الختن، والختن في المرأة قطع جلدة في أعلى الفرج مجاورة لمخرج البول، كعرف الديك ويسمى: الخفاض.
.
قوله: (جاوز) ورد بلفظ المجاوزة، وبلفظ الملاقاة، وبلفظ الملامسة، وبلفظ الإلزاق، والمراد بالملاقاة: المحاذاة، قال القاضي أبو بكر: إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة.
.
.
قال ابن سيد الناس: وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وداناه، ومعنى إلزاق الختان بالختان إلصاقه به، ومعنى المجاوزة ظاهر.
قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيا عن ابن العربي: وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة، وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملامسة أو مقاربة، وهو ظاهر وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج، ولا يمسه الذكر في الجماع. وقد أجمع العلماء كما أشار إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولم يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما فلا بد من قدر زائد على الملاقاة، وهو ما وقع مصرحا به في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ: «إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل» أخرجه ابن أبي شيبة، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث والذي قبله مشعر بأن ذلك على وجه الحتم، ولا خلاف فيه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغسل.
.
وعن عائشة رضي الله عنها «أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل وعائشة جالسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» . رواه مسلم)
.
قوله: (ثم يكسل) قال النووي: ضبطناه بضم الياء ويجوز فتحها، ويقال: أكسل الرجل في جماعه إذا ضعف عن الإنزال، وكسل بفتح الكاف وكسر السين، والأولى أفصح، وهذا تصريح بما ذهب إليه الجمهور.
(نيل الأوطار للشوكاني-بتصرف-)