الاثنين، 25 نوفمبر 2013

شرح حديث: "من تَعَلّق تَمِيمَة؛ فلا أتم الله له، ومن تَعَلَّق وَدَعَة؛ فلا وَدَعَ الله له"

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(1/141) وعند شرحه على حديث: "من تَعَلّق تَمِيمَة؛ فلا أتم الله له، ومن تَعَلَّق وَدَعَة؛ فلا وَدَعَ الله له"(1):
قوله: "من تَعَلَّق" أي: من علّق هذا الشيء على جسمه، أو علّق قلبه به، واعتقد فيه أنه ينفعه أو يضره من دون الله عزّ وجلّ.
"تميمة" التَمِيمَة: خرزات تعلّق على الأولاد يتّقون بها العين، وكذلك ما شابهها من كل ما يُعلّق من الخرزات وغيرها من الحُرُوز والحُجُب، فهذا ليس بخاص بالخرز، وإنما هذا التفسير لبيان نوع من أنواع المعلّقات، ومنهم من يعلّق النعل على الباب، ويجعل وجه النعل مقابلاً للشخص الآتي، أو على السيارة، ويظنون أن هذه الأشياء تدفع عنهم شر الحسد، وكل هذا من أمور الجاهلية.
وقوله: "فلا أتم الله له" هذا دعاء من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الله لا يتمّ له أموره، ويعكس مقصوده عليه؛ والرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجاب الدعوة، فهذه الدعوة تتناول كل من علّق على نفسه أو على غيره شيئاً من الحُجُب والحُرُوز والتمائم يريد بها كفّ الشر عنه إلى يوم القيامة، إلاَّ أن يتوب إلى الله عزّ وجلّ، فمن تاب تاب الله عليه، ومن لم يتب "فلا أتمّ الله له" يعني: لا أتم الله له أمره ومقصوده، بل أصابه بعكس ما يريد من الضرر والشر والخوف والقلق، ولهذا تجدون من يعلِّقون هذه الأشياء من أكثر الناس خوفاً وهمًّا وحزناً وضعفاً وخوراً، بعكس الموحّدين المعتمدين على الله، فتجدونهم أقوى الناس عزيمة وأقوى الناس عملاً، وتجدونهم في أمن واستقرار وانشراح الصدور، لأنهم يؤمنون بالله عزّ وجلّ وحده، ويعلّقون آمالهم بالله عزّ وجلّ، والله يكفيهم سبحانه وتعالى: {قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} .
وقوله: "ومن تعلق وَدْعَة؛ فلا وَدَع الله له" الوَدْع: شيء يُستخرج من البحر، يشبه الصّدف، يعلقونه على صدورهم أو على أعناقهم أو على دوابهم يتقون به العين.
"فلا وَدَعَ الله له" أي: لا تركه في دَعَة وسُكُون وراحة، بل سلّط عليه الهموم والأحزان والوساوس والأعداء حتى يُصبح في قلق وهمّ وغمّ دائم، وهذا دعاء من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يسلب الله راحته واستقراره وأمنه، ويصبح في خوف وهمّ وقلق دائم، يخاف من كل شيء، إلى أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا ظاهر في كل من يتعاطون هذه الأشياء، تجدونهم من أشد الناس قلقاً وهمًّا وخوفاً وتوقُّعاً للمكروه في كل لحظة ومن كل شخص.
قال: "وفي رواية" يعني: للإمام أحمد رحمه الله.
"من تعلّق تَمِيمَة؛ فقد أشرك" هذه فيها زيادة على دعاء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه بأنه قد أشرك، فهذا تصيبه مصيبتان: مصيبة دعوة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه، والمصيبة الثانية في عقيدته، وهي أنه قد أشرك بالله عزّ وجلّ باتخاذ هذا الشيء.

فإن قلت: ما نوع هذا الشرك؟، هل هو الشرك الأكبر، نقول: فيه تفصيل إن كان يرى أنها تقيه من دون الله فهذا شرك أكبر. وإن كان يعتقد أنها سبب فقط والواقي هو الله سبحانه وتعالى فهذا شرك أصغر لأن الله لم يجعل هذه الأشياء سبباً.

____________________
(1): الحديث مختلف في صحته.