الاثنين، 26 يناير 2015

المنهج الصحيح في مناصحة الحكام

سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله:

ما هو المنهج الصحيح في المناصحة، وخاصة مناصحة الحكام؛ أهو بالتشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة ؟ أم مناصحتهم في السر ؟ أرجو توضيح المنهج الصحيح في هذه المسألة ؟

جـ / العصمة ليست لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فالحكام المسلمون بشر يخطئون، ولا شك أن عندهم أخطاء وليسوا معصومين، ولكن لا نتخذ من أخطائهم مجالاً للتشهير بهم ونزع اليد من طاعتهم، حتى وإن جاروا، وإن ظلموا ، حتَّى وإن عصوا، ما لم يأتوا كفرًا بواحًا، كما أمر بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم -، وإن كان عندهم معاصٍ وعندهم جور وظلم؛ فإن الصبر على طاعتهم جمع للكلمة، ووحدةً للمسلمين، وحماية لبلاد المسلمين ، وفي مخالفتهم ومنابذتهم مفاسد عظيمة؛ أعظم من المنكر الذي هم عليه، يحصل – في مخالفتهم – ما هو أشد من المنكر الذي يصدر منهم، ما دام هذا المنكر دون الكفر، ودون الشرك .
ولا نقول : إنه يسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء، لا، بل تُعالَج، ولكن تُعالَج بالطريقة السليمة، بالمناصحة لهم سرًا، والكتابة لهم سرًا .
وليست بالكتابة التي تُكتب، ويوقع عليها جمع كثير، وتُوزّع على الناس، هذا لا يجوز، بل تُكتب كتابة سرية فيها نصيحة ، تُسَلّم لولي الأمر، أو يُكَلّم شفويًا، أما الكتابة التي تُكتب وتُصَوَّر وتُوَزَّع على الناس؛ فهذا عمل لا يجوز، لأنه تشهير، وهو مثل الكلام على المنابر، بل هو أشد، بل الكلام يمكن أن يُنسى، ولكن الكتابة تبقى وتتداولها الأيدي؛ فليس هذا من الحق .

قال - صلى الله عليه وسلم -: (( الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة )) قلنا : لمن يا رسول الله؟. قال :(( لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم )).
وفي الحديث : (( إن الله يرضى لكم ثلاثًا : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم )) .

وأولى من يقوم بالنصيحة لولاة الأمور هم العلماء، وأصحاب الرأي والمشورة، وأهل الحل والعقد، قال الله - تعالى - { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم }.
فليس كل أحد من الناس يصلح لهذا الأمر، وليس الترويج للأخطاء والتشهير بها من النصيحة في شيء، بل هو من إشاعة المنكر والفاحشة في الذين آمنوا، ولا هو من منهج السلف الصالح، وإن كان قصد صاحبها حسنًا وطيبًا، وهو : إنكار المنكر – بزعمه -، لكن ما فعله أشد منكرًا مما أنكره، وقد يكون إنكار المنكر منكرًا إذا كان على غير الطريقة التي شرعها الله -تعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يتبع طريقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الشرعية الَّتِي رسمها، حيث قال – عليه الصلاة والسلام - : (( من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )) .

فجعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الناس على ثلاثة أقسام :
منهم : من يستطيع أن يزيل المنكر بيده وهو صاحب السلطة، أي : ولي الأمر، أو من وُكِل إليه الأمر، من : الهيئات، والأمراء، والقادة .
والقسم الثاني : العالِم الذي لا سلطة له؛ فينكر بالبيان والنصيحة، بالحكمة والموعظة الحسنة، وإبلاغ ذوي السلطة بالطريقة الحكيمة .
والقسم الثالث : من لا عِلم عند ولا سلطة؛ فإنه ينكر بقلبه، فيبغضه، ويبغض أهله، ويعتزلهم .
المصدر
الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة