الاثنين، 26 يناير 2015

الموازنة في النقد هل هو منهج صحيح؟

سئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله:

انتشر اليوم بين الشباب : أنه يلزم الموازنة في النقد، فيقولون : إذا انتقدت فلانًا من الناس – في بدعته -، وبيَّنت أخطاءه؛ يلزمك أن تذكر محاسنه، وهذا من باب الإنصاف والموازنة. فهل هذا المنهج في النقد صحيح ؟ وهل يلزمني ذكر المحاسن في حالة النقد ؟

جـ / هذه المسألة تقدم الجواب عنها، لكن إذا كان المنتَقَد من أهل السنة والجماعة، وأخطاؤه في الأمور التي لا تخِلّ بالعقيدة، فنعم، هذا تُذكر ميزاته وحسناته، وتُغمر زلاته في نصرته للسنة .
أما إذا كان المنتَقَد من أهل الضلال، ومن أهل الانحراف، ومن أهل المبادئ الهدّامة أو المشبوهة؛ فهذا لا يجوز لنا أن نذكر حسناته – إن كان له حسنات -؛ لأننا إذا ذكرناها فإن هذا يغرر بالناس؛ فيحسنون الظن بهذا الضال، أو هذا المبتدع، أو هذا الخرافي، أو ذاك الحزبي؛ فيقبلون أفكار هذا الضال، أو هذا المبتدع، أو ذاك المتحزب .
والله – جل وعلا – رَدَّ على الكفرة، والمجرمين، والمنافقين، ولم يذكر شيئًا من حسناتهم ، وكذلك أئمة السلف يردون على الجهمية والمعتزلة وعلى أهل الضلال، ولا يذكرون شيئًا من حسناتهم؛ لأن حسناتهم مرجوحة بالضلال، أو الكفر، أو الإلحاد، أو النفاق؛ فلا يناسب أنك تَرُدَّ على ضال، مبتدع، منحرف، وتذكر حسناته، وتقول : هو رجل طيب، عنده حسنات، وعنده كذا، لكنه غَلِط !! .

نقول لك : ثناؤك عليه أشد من ضلاله، لأن الناس يثقون بثنائك عليه؛ فإذا رَوَّجت لهذا الضال المبتدع ومدحته فقد غرَّرت بالناس، وهذا فتح باب لقبول أفكار المضللين .

وأما إذا كان المردود عليه من أهل السنة والجماعة فإن الرَّدَّ يكون بأدب، وينبَّه على أغلاطه التي تكون في مسائل الفقه ومسائل الاستنباط والاجتهاد؛ فنقول: فلان أخطأ في كذا والصواب كذا بالدليل –غفر الله له-، وهذا اجتهاده، وهكذا، كما كانت الردود بين الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم .
وهذا لا يقدح في مكانته العلمية إذا كان من أهل السنة والجماعة .
وأهل السنة والجماعة ليسوا معصومين، عندهم أخطاء وقد يفوت أحدهم الدليل أو اختلال الاستنباط؛ فلا نسكت على الخطأ وإنما نبينه مع الاعتذار عنه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد )) .هذا في مسائل الفقه .
أما إذا كان في مسائل العقيدة فإنه لا يجوز لنا أن نمدح المضللين والمخالفين لأهل السنة والجماعة من : معتزلة، وجهمية، وزنادقة، وملاحدة، وأناس مشبوهين في هذا العصر . وما أكثرهم .
وأصل هذه الشبهة – الموازنة بين الحسنات والسيئات في النقد – قالها بعض الشباب وكتب فيها رسالة؛ فطار بها بعض الشباب فرحًا .
وقد وقفت على هذه الرسالة التي يزعم صاحبها لزوم الموازنة .
ووقفت على رسالةٍ للشيخ : ربيع بن هادي المدخلي ، رَدَّ فيها على هذه الرسالة التي يزعم صاحبها لزوم الموازنة رَدًّا وافيًا، وبيَّن ما في هذا الكلام من الخطأ ومن ترويج الباطل، وبين مذهب السلف في الرّد وأنهم ردّوا على أناس مضللين ولم يثنوا عليهم؛ لأنهم لو أثنوا عليهم صار هذا من باب التناقض .
المصدر
الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة