الاثنين، 15 ديسمبر 2014

إن عِظَم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرحه لكتاب التوحيد(2/86) وعند شرحه على حديث أنس: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن عِظَم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط": 
"إن عِظَم الجزاء" أي: عند الله سبحانه وتعالى.
"مع عِظَم البلاء" وذلك أن المبتَلى إذا صبر ورضيَ بقضاء الله وقدره فإن الله يجزيه على ذلك الخير العاجل والآجل، فيجزيه الجزاء العظيم آجِلاً وعاجلا ًكما قال تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، وهذا مع الصبر والاحتساب.
والمراد بالبلاء هنا: الابتلاء والامتحان، فيصاب الإنسان بالشدّة، ويصاب بالمرض ويصاب بضياع المال ويصاب بموت القريب. ومن النّاس من تتكاثر عليه المصائب وتتابع، وهذه علامة خير إذا كان مؤمناً وصبر.
وقوله: "وإن الله تعالى ذا أحبَّ قوماً ابتلاهم" هذه- أيضاً- حِكمة أخرى، وهِي: أن وجود الابتلاء والامتحان الذي يصيب المسلمين دليلٌ على محبة الله لهم، ولَمّا أحبهم ابتلاهم من أجل أن يخفِّف عنهم، ومن أجل أن ينتقلوا إليه وهم مخلِّصون من الذنوب.
ومفهوم الحديث: أن الله إذا لم يحب قوماً يُمسك عنهم الابتلاء، من أجل أن ينتقلوا إلى الآخرة بذنوبهم فيعاقَبون عليها.
"فمن رضي" بقضاء الله وقدره "فله الرضا" من الله سبحانه وتعالى. وهذا دليل على أنّ الجزاء من جنس العمل.
"ومن سخِط" على قضاء الله وقدره "فله السخط" من الله سبحانه وتعالى جزاءً وفاقاً.
فهذا فيه دليل على أن الجزاء من جنس العمل، لأن من رضي بالقضاء والقدر، وصبر على المصائب؛ فإن الله يرضى عنه ويحبُّه، وأن من لم يرضَ بالقضاء والقدر فإن الله يبغضه.
وهذه المصائب إنما هي ابتلاء وامتحان ليظهر الصابر من غير الصابر، وليترتّب الجزاء على ذلك من الله سبحانه وتعالى.
وقال في ص88: ومن هنا يؤخذ الرد على هؤلاء الذين يقولون: المسلمون لا يزالون متخلِّفين وفيهم تأخُّر، وفيهم..، وفيهم..، وفيهم المصائب. وأما الكفّار فإنهم عندهم تقدُّم وحضارة ورُقي وأسلحة، وإلى آخره. فهذا الحديث يبيِّن أنّه ليست السلامة من المصائب والسلامة من النَّكَبات دليلٌ على رضى الله سبحانه وتعالى، وإنما هذا من باب الاستدراج لهم: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} ، وأما المسلمون فإنهم يصابون بهذه الأمور ليكفِّر الله بها عنهم، ومن أجل أن يحاسبوا أنفسهم ويرجعوا عن أخطائهم.