الاثنين، 9 فبراير 2015

ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته

(من مواعظ ابن الجوزي)

ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل.

ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور ...

وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات، فنقل عن عامر بن عبد قَيْسٍ: أن رجلًا قال له: كلمني! فقال له: أمسك الشمس(١).

وقال ابن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي، فقال: يا بني! دعني، فإني في وردي السادس.

ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلي، فقيل له، فقال: الآن تطوى صحيفتي.

فإذا علم الإنسان -وإن بالغ في الجد- بأن الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدون له أجره بعد موته: فإن كان له شيء من الدنيا، وقف وقفًا، وغرس غرسًا، وأجرى نهرًا، ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له، أو أن يصنف كتابًا في العلم؛ فإن تصنيف العالم ولده المخلد، وأن يكون عاملًا بالخير، عالمًا فيه، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به؛ فذلك الذي لم يمت.

(صيد الخاطر -بتصرف-)
_______________________
(١): يعني: من يرد لي وقتي الذي تضيعه. (منقولة من حاشية الكتاب)