الجمعة، 21 فبراير 2014

ضعف حديث : (( ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة ، إذا نظر إليها سرته ، و إذا أمرها أطاعته ، و إذا غاب عنها حفظته ))

حديث :
((
ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة ، إذا نظر إليها سرته ، و إذا أمرها أطاعته ، و إذا غاب عنها حفظته )) 
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (3/ 318) 

قال الحاكم
"
صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و أقره ابن كثير ( 2/351 ) .و قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2/36 ) : 
"
سنده صحيح " . كذا قالوا ، و فيه نظر عندي ، أما كونه " على شرط الشيخين " فهو من الأوهام 
الظاهرة ، لأن غيلان - و هو ابن جامع - ليس من رجال البخاري ، و إنما روى له 
مسلم وحده و أما كونه صحيحا ، فهو ما يبدو لأول وهلة ، و لكني قد وجدت له علة ، و هي 
الانقطاع ، فأخرجه الحاكم ( 2/333 ) من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري : حدثنا 
يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي : حدثنا أبي : حدثنا غيلان بن جامع عن عثمان 
ابن القطان الخزاعي عن جعفر بن إياس به . و قال
"
صحيح الإسناد " . و تعقبه الذهبي فقال
"
قلت : عثمان لا أعرفه ، و الخبر عجيب " . و أقول : و رجال إسناده ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير إبراهيم بن إسحاق 
الزهري و هو ثقة كما قال الدارقطني ، و له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 6/25 -
26 )
و قال
"
و كان ثقة خيرا فاضلا دينا صالحا ، مات سنة ( 277 ) و قد بلغ ثلاثا و تسعين
سنة " . قلت : فقد زاد في الإسناد بين غيلان و جعفر ( عثمان ) هذا فهي زيادة مقبولة ، 
و لا سيما و قد توبع عليها كما يأتي ، فوجب أن نعرف حاله ، و قد رأيت قول 
الذهبي فيه آنفا
"
لا أعرفه " . و لم يورده هو في " الميزان " و لا الحافظ في " اللسان " . فمن المحتمل أن يكون 
هو عثمان بن عمير أبو اليقظان الكوفي الأعمى المترجم في " التهذيب " ، فقد أورد 
الحافظ ابن كثير ( 2/351 ) هذا الحديث من طريق ابن أبي حاتم قال : حدثنا أبي حدثنا حميد بن مالك : حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي : حدثنا أبي : حدثنا غيلان 
ابن جامع المحاربي عن عثمان بن أبي اليقظان عن جعفر به ، و هكذا رواه ابن 
الأعرابي في " معجمه " ( ق 182/2 - 183/1 ) نا الترقفي : نا يحيى بن يعلى به و لا نعلم في الرواة " عثمان بن أبي اليقظان " فلعل لفظة ( بن ) زيادة من بعض 
النساخ سهوا ، و الأصل : ( عثمان أبي اليقظان ) ، و يؤيده أن المناوي ذكر في "الفيض " أن الذهبي قال في " المهذب " : 
"
فيه عثمان أبو اليقظان ، ضعفوه " . قلت : و " المهذب " هذا للذهبي ، و هو كالمختصر لـ " السنن الكبرى " للبيهقي ، 
و لكنه يتكلم على أحاديثه تصحيحا و تضعيفا بأوجز عبارة ، كما رأيت آنفا ، فهو
مثل " تلخيصه " على " المستدرك " . و هذا الحديث قد أخرجه البيهقي في " سننه
( 4/83 )
من طريق الصفار : حدثنا عباس بن عبد الله الترقفي : حدثنا يحيى بن 
يعلى بن الحارث فذكره فقال : " عثمان أبي اليقظان " . ثم ساقه من روايته عن شيخه الحاكم بإسناده من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري 
المتقدم .. و قال البيهقي
"
فذكره بمثل إسناده ، و قصر به بعض الرواة عن يحيى فلم يذكر في إسناده عثمان 
أبا اليقظان " . قلت : و في قول البيهقي هذا فائدتان هامتان الأولى : أن قول الحاكم في هذا الإسناد المتقدم : " عثمان بن القطان الخزاعي هو من أخطائه الكثيرة التي وقعت في " مستدركه " ، فحق للذهبي و غيره أن لا 
يعرفه ، لأنه وهم لا حقيقة له و الأخرى : خطأ روايته الأولى التي ليس فيها ذكر لعثمان هذا ، و أنه سقط من بعض 
الرواة ، و عليه فتصحيح من صححه خطأ أيضا ، كما هو ظاهر ، فالحمد لله الذي وافق 
حكمي حكم الإمام البيهقي من حيث السقط ، و أيد بكلامه الصريح الاحتمال المتقدم 
مني أن هذا الساقط هو عثمان بن عمير أبو اليقظان و يؤيده قول الضياء عقب الحديث
"
رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي و سليمان بن الشاذكوني عن يحيى بن يعلى بن 
الحارث عن أبيه عن غيلان بن جامع عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن جعفر بن إياس 
" . 
قلت : فزاد في الإسناد ( ابن عمير أبي اليقظان ) ، فهذا يحملنا على الجزم بأن 
من قال فيه " عثمان بن القطان " ، أو عثمان بن أبي اليقظان " فقد أخطأ .و الخلاصة : أن علة الحديث عثمان بن عمير أبو اليقظان ، و هو متفق على تضعيفه 
كما يشعر بذلك قول الذهبي المتقدم في " المهذب " : 
"
ضعفوه " . و كذلك قال في " الكاشف " و " الميزان " و " الضعفاء " ، و قال الحافظ في التقريب " : 
"
ضعيف ، و اختلط ، و كان يدلس ، و يغلو في التشيع " . قلت : هذا الحديث جاء في بعض نسخ " الجامع الصغير " مرموزا له بالصحة ، و اغتر 
بذلك اللجنة القائمة على تحقيق " الجامع الكبير " فقالوا ( 2/1600 ) : الحديث في الصغير برقم 1774 و رمز لصحته " ! و قد أنبأناك مرارا أن رموز " الجامع " لا يعتد بها ، و هذا من الأمثلة العديدة
على ذلك . و من عجيب أمر هذه اللجنة أنها تركن إلى الرمز ، و لا تعتمد على
تضعيف الحافظ الذهبي الذي نقله المناوي في شرحه و هو من مراجعهم ، و الرقم الذي 
ذكروه هو رقم الحديث في شرحه . فهل يعني إعراضهم عن تضعيف المناوي له تبعا 
للذهبي أن تصحيحهم للأحاديث ذوقي ، و ليس على المنهج العلمي الحديثي ؟ ثم إنه قد وقع عندهم مرموزا للحديث بـ ( ش د ع ك ن ) ، و ( ن ) في اصطلاح 
السيوطي إنما يعني النسائي ، و ليس عنده مطلقا ، و إنما هو محرف من ( ق ) أي 
البيهقي ، و لو كان عند النسائي لقدم في الذكر على ( ع ك ) كما هي عادته تبعا 
لعرف المحدثين لتقدمه عليهما طبقة و علما
(
تنبيه ) : هذا الحديث مما صححه الشيخ نسيب الرفاعي و الشيخ الصابوني في "مختصر تفسير ابن كثير " بإيرادهما إياه فيه ، و زاد الأول على الآخر بأنه صرح
بصحته في فهرسه الذي وضعه في آخر المجلد الثاني ( ص 227 ) و لئن كان من الممكن 
الاعتذار عنهما بأنهما اغترا بسكوت ابن كثير على تصحيح الحاكم المتقدم ، فما 
عذرهما في غيره من الأحاديث التي صححاها دون الناس جميعا أو على الأقل دون ابن 
كثير و أسانيدها بينة الضعف ؟ ! و قد تقدم بعضها ، و الحديث التالي مثال آخر 
بالنسبة للرفاعي ، ثم رأيت الغماري قد سلك سبيل هؤلاء فأورده في " كنزه " ، 
والله المستعان
وقد أقر الشيخ مقبل كلام الشيخ الالباني رحمهما الله في تحقيقه للمستدرك كتاب ( احاديث معلة ) قال العلامة مقبل معلق على الحديث 
ظاهره على شرط مسلم [لكن] شعبة يقول : لم يسمع جعفر بن إياس من مجاهد وفيه انقطاع بين غيلان وجعفر بن إياس والساقط ضعيف.
منقول